التفسير الأصفى - الفيض الكاشاني - ج ١ - الصفحة ١٨٣
(فرحين بما آتاهم الله من فضله) وهو شرف الشهادة، والفوز بالحياة الأبدية، والقرب من الله، والتمتع بنعيم الجنة. (ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) من إخوانهم المؤمنين الذين تركوهم ولم ينالوا درجاتهم بعد (ألا خوف عليهم ولاهم يحزنون). قال: " هم والله شيعتنا حين صارت أرواحهم في الجنة واستقبلوا الكرامة من الله عز وجل، علموا واستيقنوا أنهم كانوا على الحق وعلى دين الله عز ذكره، فاستبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من خلفهم من المؤمنين " (1).
(يستبشرون بنعمة من الله وفضل): وزيادة (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ماء أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم).
(الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) " وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد واعد أبا سفيان القتال في العام المقبل بعد وقعة أحد ببدر الصغرى، فخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة (2)، ثم ألقى الله عليه الرعب، فبدا له في الرجوع، فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي، فقال له إلحق بالمدينة فثبط (3) أصحاب محمد عن القتال، ولك عندي عشرة من الإبل. فأتى نعيم المدينة، فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان، فقال لهم: بئس الرأي رأيتم (4). أتوكم في دياركم وقراركم، فلم يفلت منكم الا شريد، فتريدون أن تخرجوا، وقد جمعوا

١ - القمي ١: ١٢٧، والكافي ٨: ١٥٦، الحديث: ١٤٦، عن أبي جعفر عليه السلام. وفيه: "... عز وجل، واستبشروا... ".
٢ - مجنة: اسم سوق للعرب كان في الجاهلية وكانت بمر الظهران قرب جبل يقال له الأصفر وهو بأسفل مكة على قدر بريد منها. معجم البلدان ٥: ٥٨ (مجنة).
٣ - ثبطهم: حبسهم بالجبن، وثبطه عن الامر: أثقله وأقعده. مجمع البحرين ٢: ٢٤٠، ولسان العرب ٧: ٢٦٧ (ثبط).
4 - في المصدر: " رأيكم ".
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست