تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٥٥٨
في سورة السجدة عند قوله تعالى (أعرض ونأى بجانبه) أي ذهب بنفسه وتكبر وتعظم، وفى معناه وجهان:
الأول أن يوضع جانبه موضع نفسه كما في قوله تعالى (على ما فرطت في جنب الله) فإن مكان الشئ وجهته ينزل منزلة الشئ نفسه كما في قوله: نفيت عنه مقام الذئب، ومنه (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وكقولهم في التكبر ذهب بنفسه وذهبت به الخيلاء كل مذهب. والمعنى الثاني: أن يراد بجانبه عطفه، ويكون عبارة عن الانحراف والازورار كما يقال: ثنى عطفه وتولى بركنه. واللجين بفتح اللام وكسر الجيم: ما يسقط من الورق عند الخبط، يشبه 7 اللجين بالضم الفضة، وهو مما جاء مصغرا كالثريا والكميت. والرجل اللعين: شئ ينصب وسط الزرع يستطرد به الوحوش، وخص القطا لأنه أهدى الطير وأسبقه إلى الماء وكذلك الذئب من السباع. وأروى اسم امرأة، قال:
داينت أروى والديون تقضى * فمطلت بعضا وأدت بعضا يقول: رب ماء هذه صفته قد وردته لأجل أن أرى محبوبتي أروى عليه فأروى. وقوله نفيت عنه مقام الذئب: أي نفيت عنه الذئب كما تقدم. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الرحمن عند قوله تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) أي موقفه الذي يقف به العباد للحساب. أو هو مقحم كما تقول أخاف جانب فلان وأنشد:
ونفيت عنه مقام الذئب الخ.
(وصاليات ككما يؤثقين * لا يشتكين عملا ما أنقين) في سورة حمعسق عند قوله تعالى (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) على تقدير أن تكون كلمة التشبيه كررت كما كررها من قال: وصاليات الخ. ومن قال: فأصبحت مثل كعصف مأكول: أي ونساء صاليات بالنار كالأثفية. والأثفية: الحجر الذي ينصب عليه القدر. ثفيت القدر: إذا وضعتها على الأثافي، وأثفيتها:
إذا جعلت لها أثافي، وقوله يؤثفين أخرج على الأصل مثل قوله * فإنه أهل لأن يؤكرما * وشبههن بالأثفية لدوامهن على الكانون وسواد ثيابهن بالدخان. وكلمة التشبيه كررت للتأكيد والكاف الأولى حرف الجر والثانية اسم لأنه لا يجوز أن يدخل حرف الجر على مثله، وأول الشعر:
لم يبق من آي بها يحلين * غير رماد وعظام كثفين وغير ود جاذل أو ودين * وصاليات ككما يؤثفين (إن أجزأت حرة يوما فلا عجب * قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا) في سورة الزخرف عند قوله تعالى (وجعلوا له من عباده جزءا) بأن قالوا الملائكة بنات الله فجعلوهم جزءا له وبعضا منه. قال الزمخشري: ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث منحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه أجزأت المرأة، ثم صنعوا بيتا وبيتا أولهما: إن أجزأت حرة الخ. الثاني:
زوجتها من بنات الأوس مجزئة * للعوسج اللدن في أبياتها زجل وأجزأت المرأة: إذا ولدت بنتا. وبرواية إن أجزأت حرة وهى اسم امرأة.
(ما لأبى حمزة لا يأتينا * يظل في البيت الذي يلينا
(٥٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 553 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 ... » »»
الفهرست