تنزيل الآيات على الشواهد من الأبيات ، شرح شواهد الكشاف - محب الدين الأفندي - الصفحة ٤٢٩
لا تأمن الموت في لحظ ولا نفس * وإن تترست بالحجاب والحرس واعلم بأن سهام الموت نافذة * لكل مدرع منا ومترس ما بال دينك ترضى أن تدنسه * وثوب دنياك مغسول من الدنس (سوى أن العتاق من المطايا * أحسن به فهن إليه شوس) هو لأبي زبيد الطائي، وقبله:
فباتوا يدلجون وبات يسرى * بصير بالدجى هاد عموس إلى أن عرسوا وأناخ منهم * قريبا ما يحس له مسيس في سورة النساء عند قوله تعالى (فإن آنستم منهم رشدا) وقرأ ابن مسعود " فإن أحستم " بمعنى أحسستم. الإدلاج بالتخفيف: سير أول الليل، وبالتشديد: سير آخر الليل. والعموس: القوى الشديد والمراد به الأسد. والعتاق:
النجيبات من الإبل. وشوس جمع أشوس وشوساء: وهو الذي ينظر بمؤخر عينيه. وأحسن أصله أحسسن نقلت فتحة السين إلى الحاء ثم حذفت، أحسست بالخير: أيقنت به، وقيل ظننت ووجدت، وهو نظير قوله (وعزني في الخطاب) في قراءة وعزني بالتخفيف. قال ابن جني: حذف الزاي الواحدة تخفيفا كما قال الشاعر: أحسن به، يريد أحسسن، يصف قوما يسيرون والأسد يطلب فريسته وهو المراد بالبصير في الدجى:
(بقيت وفرى وانحرفت عن العلى * ولقيت أضيافي بوجه عبوس إن لم أشن على ابن حرب غارة * لم تخل يوما من نهاب نفوس) هو للأشتر النخعي. في سورة المائدة عند قوله تعالى (غلت أيديهم) قال الزمخشري: فما تصنع بقوله غلت أيديهم ومن حقه أن يطابق ما تقدم وإلا تنافر الكلام وزال عن سننه؟ قلت: يجوز أن يكون معناه الدعاء عليهم بالبخل والنكد، ومن ثم كانوا أبخل خلق الله وأنكدهم كما في البيت، فإنه دعا على نفسه بالبخل وتبقية المال الكثير وعدم إنفاقه في وجوه المحامد ومعالي الأمور إن لم يشن الغارة ولم يفرقها من كل أوب وصوب على معاوية ابن صخر بن حرب، ولم يقل على ابن صخر لكون حرب أشهر آبائه وأليق بالمقام بحسب معناه الأصلي حتى كأنه كناية عن ملازمته للحرب كأبي لهب عن الجهنمي.
(وانحلبت عيناه من فرط الأسى * وكيف غربي دالج تبجسا) في سورة الأعراف عند قوله تعالى (فكيف آسى على قوم كافرين) والأسى: شدة الحزن فإنه عليه الصلاة والسلام اشتد حزنه على قومه ثم أنكر على نفسه، فقال: فكيف يشتد حزني على قوم ليس بأهل للحزن عليهم لكفرهم واستحقاقهم ما ينزل بهم، انحلبت عيناه: أي سال دمع عينيه. والوكيف: القطر. وغربى تثنية غرب، وهو الدلو العظيمة. والدالج بالجيم: الذي يأخذ الدلو من البئر فيفرغها في الحوض. وتبجسا: أي انفجر بسعة وكثرة. يقول: سال دمع عينيه من شدة الحزن ووكفتا وكيف دلوي دالج تفجرا وسال منهما الماء.
(فلم أر مثل الحي حيا مصبحا * ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا أكر وأحمى للحقيقة منهم * وأضرب منا بالسيوف القوانسا) في سورة الكهف عند قوله تعالى (ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا) والبيت للعباس بن
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»
الفهرست