فذهبوا. قال علي: ما قطعوه، ثم جاء آخر يستحضر بفرسه فقال: يا أمير المؤمنين! قال ما تشاء؟ قال: ألك حاجة في القوم؟ قال: وما ذاك؟
فقال: قد قطعوا النهر فذهبوا، قال علي: ما قطعوه ولا يقطعونه وليقتلن دونه، عهد من الله ورسوله! قلت: الله أكبر! ثم قمت فأمسك له بالركاب ثم ركب فرسه ثم رجع إلى درعي فلبستها وإلي قوسي فعلقتها وخرجت أسايره فقال لي: يا جندب! قلت: لبيك يا أمير المؤمنين! قال: أما أنا فأبعث إليهم رجلا يقرأ المصحف يدعو إلى كتاب الله ربهم وسنة نبيهم فلا يقبل علينا بوجهه حتى يرشقوه بالنبل، يا جندب! أما إنه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة فانتهينا إلى القوم وهم في معسكرهم الذين كانوا فيه لم يبرحوا فنادى علي في أصحابه فصفهم ثم أتى الصف من رأسه ذا إلى رأسه ذا مرتين ثم قال: من يأخذ هذا المصحف فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله ربهم وسنة نبيهم وهو مقتول وله الجنة! فلم يجبه إلا شاب من بني عامر بن صعصعة، فقال له علي: خذ! فأخذ المصحف، فقال له: أما إنك مقتول ولست مقبلا علينا بوجهك حتى يرشقوك بالنبل!
فخرج الشاب بالمصحف إلى القوم، فلما دنا منهم حيث يسمعون قاموا ونشبوا الفتى قبل أن يرجع قال: فرماه إنسان فأقبل علينا بوجهه فقعد، فقال علي: دونكم القوم! قال جندب: فقتلت بكفي هذه بعد