وأيضا، فعلى تقدير صحة ذلك اللفظ، لا يدل على أن النار في السماء، وإنما يدل على أنه رآها وهو في السماء، والميت يرى في قبره الجنة والنار وليست الجنة في الأرض.
وقد رأى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، في صلاة الكسوف، الجنة والنار وهو في الأرض، وكذلك في بعض طرق حديث الإسراء حديث أبي هريرة، أنه مر على أرض الجنة والنار، في مسيره إلى بيت المقدس، ولم يدل شيء من ذلك على أن الجنة في الأرض، فحديث حذيفة إن ثبت أنه رأى الجنة والنار في السماء، فالسماء ظرف للرؤية لا للمرئي، والله أعلم.
وفي حديث أبي هارون العبدي، وهو ضعيف جدا، عن أبي سعيد الخدري، في صفة الإسراء، أنه صلى الله عليه وآله وسلم، رأى الجنة والنار فوق السماوات، ولو صح لحمل على ما ذكرناه أيضا.
وقد روي القاضي أبو يعلى، بإسناد جيد، عن أبي بكر المروذي، أن الإمام أحمد فسر له من القرآن آيات متعددة، فكان مما فسره له قوله تعالى: (وإذا البحار سجرت) قال: أطباق النيران، (والبحر المسجور) قال: جهنم، وهذا يدل على أن النار في الأرض، بخلاف ما رواه الخلال عن المروذي، والله أعلم.
وأما المروي عن مجاهد، فقد تأوله بعضهم على أن المراد أن أعمال الجنة والنار مقدرة في السماء من الخير والشر، وقد صرح بذلك مجاهد في رواية أخرى عنه.
وقد ورد في بعض طرق حديث الإسراء، أنه صلى الله عليه وآله وسلم رأى جهنم في طريقه إلى بيت المقدس، وروي عن عبادة بن الصامت أنه وقف على سور بيت المقدس الشرقي يبكي، وقال: ههنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى جهنم.