له نحوها، ثم سرحت بها مع ابني، فرجع بها لم يشربها، قال: فأتيته فلمته، وقلت: سبحان الله! أرددت علي كرامتي؟! إن هذا مما يعينك ويقويك على الصلاة، وعلى ذكر الله تعالى، فلما رآني قد وجدت من ذلك، قال: يا أبا بشر، لا يسؤك، والله لقد شربتها أول ما بعثت بها، فلما كان الغد راودت نفسي على أن أسيغها، فما قدرت على ذلك، إذا أردت شربه ذكرت هذه الآية:
(يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ) [إبراهيم: 17].
فبكى صالح عند هذا، وقال: قلت لنفسي: ألا أراني في واد وأنت في آخر.
وروى الإمام أحمد بإسناده، عن صالح المري، عن عطاء السلمي، قال:
إنني إذا ذكرت جهنم، ما يسيغني طعام ولا شراب.
وروى عبد الله بن الإمام أحمد، من طريق مرجى بن وداع، قال: انطلقت مع صالح المري، فدخلنا على عطاء السلمي، فقلنا له: يا عطاء، تركت الطعام والشراب؟! قال: إني إذا ذكرت صديد أهل النار لم أسغه.
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن عبد المؤمن الصايغ، قال: دعوت رباحا القيسي ذات ليلة إلى منزلي، فجاءني في السحر، فقربت إليه طعاما، فأصاب منه شيئا، فقلت: أزدد فما أراك شبعت، قال: فصاح صيحة أفزعتني، فقال:
كيف أشبع أيام الدنيا، وشجرة الزقوم بين يدي طعام الأثيم، قال: فرفعت الطعام من بين يديه، وقلت: أنت في شيء ونحن في شيء.
وبإسناده عن أبي سعيد، قال: دخل عبيد الله بن الوليد التيمي، على حبابة التميمية، فقدمت إليه سمنا وخبزا وعسلا، فقال: يا حبابة أما تخافين أن يكون