وروى ابن أبي الدنيا من طريق يونس، عن الحسن، قال: لقي رجل رجلا، فقال له: يا هذا أراك قد تغير لونك، ونحل جسمك، فمم هو؟ فقال آخر: وإني لأرى ذلك، فمم هو؟ قال: أصبحت منذ ثلاثة أيام صائما، فلما أتيت بعشائي، عرضت لي هذه الآية:
(يسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه) إلى قوله: (عذاب غليظ) [إبراهيم: 16 - 17].
فلم أستطع أن أتعشاه، فأصبحت صائما، فلما أتيت بعشائي أيضا، عرضت لي، فلم أستطع أن أتعشاه، فلي ثلاث منذ أنا صائم، قال: يقول الرجل الآخر:
وهي التي عملت بي هذا العمل.
ومن طريق خليد بن حسان الهجري، قال: أمسي الحسن صائما، فأتي بعشائه، فعرضت له هذه الآية: (إن لدينا أنكالا وجحيما * وطعاما ذا غصة وعذابا أليما) فقلصت يده، وقال: ارفعوه، فأصبح صائما، فلما أمسى، أتى بإفطاره، فعرضت له الآية، فقال: ارفعوه، فقلنا: يا أبا سعيد، تهلك وتضعف!!
فأصبح اليوم الثالث صائما، فذهب ابنه إلى يحيى البكاء وثابت البناني ويزيد الضبي، فقال: أدركوا أبي، فإنه هالك، فلم يزالوا به، حتى سقوه شربة ماء من سويق.
ومن طريق صالح المري قال: كان عطاء السلمي، قد أضر بنفسه حتى ضعف، فقلت له: إنك قد أضررت بنفسك، وأنا متكلف لك بشيء، فلا ترد كرامتي، قال: أفعل، قال: فاشتريت سويقا، من أجود ما وجدت، وسمنا، قال:
فجعلت له شريبة، فلتيتها وحليتها، وأرسلت بها مع ابني وكوزا من ماء، فقلت له: لا تبرح حتى يشربها، فرجع، فقال: قد شربها، فلما كان من الغد، جعلت