وعن وهب بن منبه، قال: ما عبد الله بمثل الخوف.
وقال أبو سليمان الداراني: أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله عز وجل، وكل قلب ليس فيه خوف الله فهو قلب خرب.
وقال وهيب بن الورد: بلغنا أنه ضرب لخوف الله مثل في الجسد، قيل:
إنما مثل خوف الله كمثل الرجل يكون في منزله، فلا يزال عامرا ما دام فيه ربه، فإذا فارق المنزل ربه وسكنه غيره خرب المنزل، وكذلك خوف الله تعالى إذا كان في جسد لم يزل عامرا ما دام فيه خوف الله، فإذا فارق خوف الله الجسد خرب، حتى إن المار يمر بالمجلس من الناس فيقولون: بئس العبد فلان، فيقول بعضهم لبعض: ما رأيتم منه؟ فيقولون: ما رأينا منه شيئا غير أنا نبغضه، وذلك أن خوف الله فارق جسده، وإذا مر بهم الرجل فيه خوف الله، قالوا: نعم والله الرجل، فيقولون: أي شيء رأيتم منه؟ فيقولون: ما رأينا منه شيئا غير أنا نحبه.
وقال الفضيل بن عياض: الخوف أفضل من الرجاء ما كان الرجل صحيحا، فإذا نزل الموت فالرجاء أفضل.
وسئل ابن المبارك عن رجلين: أحدهما خائف والآخر قتيل في سبيل الله عز وجل، قال: أحبهما إلي أخوفهما.
وقد استخرت الله تعالى في جمع كتاب أذكر فيه صفة النار، وما أعد فيها لأعدائه من الخزي والنكال والبوار، ليكون بمشيئة الله قامعا للنفوس عن غيها وفسادها، وباعثا لها على المسارعة إلى فلاحها ورشادها، فإن النفوس، ولا سيما في هذه الأزمان، قد غلب عليها الكسل والتواني، واسترسلت في شهواتها وأهوائها وتمنت على الله الأماني، والشهوات لا يذهبها من القلوب إلا أحد أمرين، إما خوف مزعج محرق، أو شوق مبهج مقلق، وسميته (كتاب التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار) وقسمته ثلاثين بابا، والله المسؤول أن يجيرنا من النار، وأن يجعل بيننا وبينها حجابا بمنه وكرمه.