أقتلك - كان شيخنا أبو الخير مصدق بن شبيب النحوي يقول إذا مررنا في القراءة عليه بهذا الموضع والله ما أمره بالرجوع إبقاء عليه، بل خوفا منه، فقد عرف قتلاه ببدر وأحد، وعلم أنه إن ناهضه قتله، فاستحيا أن يظهر الفشل، فأظهر الابقاء والإرعاء، وإنه لكاذب فيهما - قالوا فقال له علي عليه السلام: لكني أحب أن أقتلك، فقال: يا بن أخي، إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، فارجع وراءك خير لك، فقال على: إن قريشا تتحدث عنك إنك قلت: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلا أجبت ولو إلى واحدة منها، قال: اجل، فقال علي عليه السلام:
فإني أدعوك إلى الاسلام، قال: دع عنك هذه، قال: فإني أدعوك إلى أن ترجع بمن تبعك من قريش إلى مكة، قال: إذن تتحدث نساء قريش عنى أن غلاما خدعني، قال: فإني أدعوك إلى البراز، فحمى عمرو وقال: ما كنت أظن أن أحدا من العرب يرومها منى، ثم نزل فعقر فرسه - وقيل ضرب وجهه ففر - وتجاولا، فثارت لهما غبرة وارتهما عن العيون، إلى أن سمع الناس التكبير عاليا من تحت الغبرة، فعلموا أن عليا قتله، وانجلت الغبرة عنهما، وعلى راكب صدره يحز رأسه، وفر أصحابه ليعبروا الخندق، فظفرت بهم خيلهم إلا نوفل بن عبد الله، فإنه قصر فرسه، فوقع في الخندق، فرماه المسلمون بالحجارة، فقال: يا معاشر الناس، قتله أكرم من هذه، فنزل إليه علي عليه السلام فقتله، وأدرك الزبير هبيرة بن أبي وهب فضربه فقطع ثفر (1) فرسه وسقطت درع كان حملها من ورائه، فأخذها الزبير، وألقى عكرمة رمحه، وناوش عمر بن الخطاب ضرار بن عمرو، فحمل عليه ضرار حتى إذا وجد عمر مس الرمح رفعه عنه، وقال: إنها لنعمة مشكورة، فاحفظها يا بن الخطاب، إني كنت آليت ألا تمكنني يداي من قتل قرشي فاقتله. وانصرف ضرار راجعا إلى أصحابه، وقد كان جرى له معه مثل هذه في يوم أحد. وقد ذكر هاتين القصتين معا محمد بن عمر الواقدي في كتاب المغازي (2)