(127) الأصل:
وقال (عليه السلام) وقد سمع رجلا يذم الدنيا:
أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها، المنخدع بأباطيلها، أتفتتن بها ثم تذمها!
أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك! متى استهوتك، أم متى غرتك!
أبمصارع آبائك من البلى، أم بمضاجع أمهاتك تحت الثرى! كم عللت بكفيك، وكم مرضت بيديك، تبتغى لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، غداة لا يغنى عنهم دواؤك، ولا يجدي عليهم بكاؤك!
لم ينفع أحدهم إشفاقك، ولم تسعف فيه بطلبتك، ولم تدفع عنه بقوتك، وقد مثلت لك به الدنيا نفسك، وبمصرعه مصرعك.
إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها. مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحى الله، ومتجر أولياء الله، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها، وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم بسرورها إلى السرور!
راحت بعافية وابتكرت بفجيعة، ترغيبا وترهيبا، وتخويفا وتحذيرا،