أظلوم إن مصابكم رجلا * أهدى السلام تحية ظلم (1).
فقال شخص: رجل هو خبر " إن "، ووافقه على ذلك وقم وخالفه آخرون فقال الواثق:
من بقي من علماء النحويين؟ قالوا: أبو عثمان المازني بالبصرة، فأمر بإشخاصه إلى سر من رأى بعد إزاحة علته، قال أبو عثمان فأشخصت، فلما أدخلت عليه قال: ممن الرجل؟ قلت: من مازن، قال: من مازن تميم، أم من مازن ربيعة، أم مازن قيس، أم مازن اليمين؟ قلت: من مازن ربيعة، قال: باسمك؟ بالباء؟ - يريد: " ما اسمك " لان لغة مازن ربيعة هكذا، يبدلون الميم باء والباء ميما - فقلت: مكر أي " بكر "، فضحك وقال: اجلس واطمئن، فجلست فسألني عن البيت فأنشدته منصوبا، فقال: فأين خبر إن؟ فقلت:
" ظلم " قال: كيف هذا؟ قلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى أن البيت إن لم يجعل " ظلم " خبر " إن " يكون مقطوع المعنى معدوم الفائدة! فلما كررت القول عليه فهم، وقال: قبح الله من لا أدب له، ثم قال: ألك ولد؟ قلت: بنية، قال: فما قالت لك حين ودعتها؟
قلت: ما قالت بنت الأعشى:
تقول ابنتي حين جد الرحيل * أرانا سواء ومن قد يتم (2) أبانا فلا رمت من عندنا * فإنا بخير إذا لم ترم أبانا إذا أضمرتك البلاد * نجفي وتقطع منا الرحم.
قال: فما قلت لها؟ قال: قلت أنشدتها بيت جرير:
ثقي بالله أو ليس له شريك * ومن عند الخليفة بالنجاح (3) فقال: ثق بالنجاح إن شاء الله تعالى، ثم أمر لي بألف دينار وكسوة، وردني إلى البصرة.