لتابع من أتباعه ليوفر هذا على مخلفيه! فخجل المعتصم حتى ظهر خجله للحاضرين.
* * * الفصل الثاني في الجبن، وقد تقدم قولنا في فضل الشجاعة.
وقال هشام بن عبد الملك لمسلمة أخيه: يا أبا سعيد، هل دخلك ذعر في حرب قط شهدتها؟ قال: ما سلمت في ذلك عن ذعر ينبه على حيلة ولا غشيني ذعر سلبني رأيي، فقال له هشام: هذه والله البسالة قال أبو دلامة، وكان جبانا:
إني أعوذ بروح أن يقدمني * إلى القتال فتشقى بي بنو أسد إن المهلب حب الموت أورثكم * ولم أرث رغبة في الموت عن أحد.
قال المنصور لأبي دلامة في حرب إبراهيم: تقدم ويلك! قال: يا أمير المؤمنين، شهدت مع مروان بن محمد أربعة عساكر كلها انهزمت وكسرت، وإني أعيذك بالله أن يكون عسكرك الخامس.
* * * الفصل الثالث في الفقر. وقد تقدم القول فيه أيضا.
ومثل قوله: " الفقر يخرس الفطن عن حاجته قول الشاعر:
سأعمل نص العيس حتى يكفني * غنى المال يوما أو غنى الحدثان فللموت خير من حياة يرى لها * على الحر بالإقلال وسم هوان متى يتكلم يلغ حكم كلامه * وإن لم يقل قالوا عديم بيان كأن الغنى عن أهله بورك الغنى بغير لسان ناطق بلسان ومثل قوله (عليه السلام): " والمقل غريب في بلدته " قول خلف الأحمر:
لا تظني أن الغريب هو النائي * ولكنما الغريب المقل وكان يقال: مالك نورك، فإن أردت أن تنكسف ففرقه وأتلفه.