(3) الأصل:
البخل عار، والجبن منقصة، والفقر يخرس الفطن عن حاجته والمقل غريب في بلدته.
* * * الشرح:
هذه ثلاثة فصول: الفصل الأول في البخل، وقد تقدم لنا كلام مقنع في ذلك.
ومن كلام بعض الحكماء في ذلك ما أقل من يحمده الطالب وتستقل به العشائر ويرضى عنه السائل، وما زالت أم الكرم نزورا وأم اللؤم ذلولا. وأكثر الواجدين من لا يجود، وأكثر الأجواد من لا يجد.
وما أحسن قول القائل: كفى حزنا ان الجواد مقتر عليه، ولا معروف عند بخيل.
وكان يقال البخل مهانة والجود مهابة.
ومن أحسن ما نقل من جود عبد الله المأمون أن عمر بن مسعدة كاتبه مات في سنة سبع عشرة ومائتين، وخلف تركه جليلة، فبعث أخاه أبا إسحاق المعتصم وجماعة معه من الكتاب ليحصروا مبلغها، فجاء المعتصم إليه وهو في مجلس الخلافة ومعه الكتاب، فقال:
ما رأيتم؟ فقال المعتصم معظما لما رآه: وجدنا عينا، وصامتا، وضياعا، قيمة ذلك أجمع ثمانية آلاف ألف دينار - ومد صوته فقال المأمون: إنا لله! والله ما كنت أرضاها