شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٤٧
ومنها قوله: واصفح مع الدولة تكن لك العاقبة "، هذه كانت شيمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وشيمة على (عليه السلام)، أما شيمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فظفر بمشركي مكة وعفا عنهم، كما سبق القول فيه في عام الفتح، وأما على (عليه السلام) فظفر بأصحاب الجمل وقد شقوا عصا الاسلام عليه، وطعنوا فيه وفى خلافته، فعفا عنهم، مع علمه بأنهم يفسدون عليه أمره فيما بعد، ويصيرون إلى معاوية، إما بأنفسهم أو بآرائهم ومكتوباتهم، وهذا أعظم من الصفح عن أهل مكة، لان أهل مكة لم يبق لهم لما فتحت فئة يتحيزون إليها، ويفسدون الدين عندها.
ومنها قوله: " واستصلح كل نعمة أنعمها الله عليك " معنى استصلحها استدمها، لأنه إذا استدامها فقد أصلحها، فإن بقاءها صلاح لها، واستدامتها بالشكر.
ومنها قوله: ولا تضيعن نعمة من نعم الله عندك "، أي واس الناس منها، وأحسن إليهم، و أجعل بعضها لنفسك وبعضها للصدقة والايثار، فإنك إن لم تفعل ذلك تكن قد أضعتها.
ومنها قوله: " ولير عليك أثر النعمة قد أمر بأن يظهر الانسان على نفسه آثار نعمة الله عليه، وقال سبحانه: ﴿وأما بنعمة ربك فحدث﴾ (1) وقال الرشيد لجعفر: قم بنا لنمضي إلى منزل الأصمعي، فمضيا إليه خفية ومعهما خادم معه ألف دينار ليدفع ذلك إليه، فدخلا داره فوجدا كساء جرداء، وبارية (2) سملاء، وحصيرا مقطوعا، وخباء قديمة، وأباريق من خزف، ودواة من زجاج، ودفاتر عليها التراب وحيطانا مملوءة من نسج العناكب، فوجم الرشيد، وسأله مسائل غثة لم تكن من غرضه، وإنما قطع بها خجله، وقال الرشيد لجعفر: ألا ترى إلى نفس هذا المهين، قد بررناه بأكثر

(١) الضحى ١١.
(2) البارية: الحصيرة.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407