وقد ورد نهى كثير عن السفر يوم الجمعة قبل أداء الفرض، على أن من الناس من كره ذلك بعد الصلاة أيضا، وهو قول شاذ.
ومنها قوله: " وأطع الله في جمل أمورك "، أي في جملتها، وفيها كلها، وليس يعنى في جملتها دون تفاصيلها، قال: " فان طاعة الله فاضلة على غيرها "، وصدق (عليه السلام)، لأنها توجب السعادة الدائمة، والخلاص من الشقاء الدائم، ولا أفضل مما يؤدى إلى ذلك.
ومنها قوله: " وخادع نفسك في العبادة، أمره أن يتلطف بنفسه في النوافل، وأن يخادعها ولا يقهرها فتمل وتضجر وتترك (1)، بل يأخذ عفوها، ويتوخى أوقات النشاط، وانشراح الصدر للعبادة.
قال: فأما الفرائض فحكمها غير هذا الحكم، عليك أن تقوم بها، كرهتها النفس أو لم تكرهها. ثم أمره أن يقوم بالفريضة في وقتها، ولا يؤخرها عنه فتصير قضاء.
ومنها قوله: " وإياك أن ينزل بك المنون وأنت آبق من ربك في طلب الدنيا "، هذه وصية شريفة جدا، جعل طالب الدنيا المعرض عن الله عند موته كالعبد الآبق يقدم به على مولاه أسيرا مكتوفا ناكس الرأس، فما ظنك به حينئذ!
ومنها قوله: " وإياك ومصاحبة الفساق، فإن الشر بالشر ملحق "، يقول: إن الطباع ينزع بعضها إلى بعض، فلا تصحبن الفساق فإنه ينزع بك ما فيك من طبع الشر إلى مساعدتهم على الفسوق والمعصية، وما هو إلا كالنار تقوى بالنار، فإذا لم تجاورها وتمازجها نار كانت إلى الانطفاء والخمود أقرب.