شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٤٤
في غير هذا الفصل الماضي: للمقيم عبرة، والميت للحي عظة، وليس لامس عودة، ولا المرء من غد على ثقة، الأول للأوسط رائد، والأوسط للأخير قائد وكل بكل لاحق، والكل للكل مفارق ".
ومنها قوله: " وعظم اسم الله أن تذكره إلا على حق "، قال الله سبحانه: (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) (١)، وقد نهى عن الحلف بالله في الكذب والصدق، أما في أحدهما فمحرم وأما في الاخر فمكروه، ولذلك لا يجوز ذكر اسمه تعالى في لغو القول والهزء والعبث.
ومنها قوله: " وأكثر ذكر الموت "، وما بعد الموت جاء في الخبر المرفوع: " أكثروا ذكر هاذم (٢) اللذات "، وما بعد الموت: العقاب والثواب في القبر وفي الآخرة.
ومنها قوله: " ولا تتمن الموت إلا بشرط وثيق "، هذه كلمة شريفة عظيمة القدر، أي لا تتمن الموت إلا وأنت واثق من أعمالك الصالحة أنها تؤديك إلى الجنة، وتنقذك من النار، وهذا هو معنى قوله تعالى لليهود: ﴿إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين﴾ (3).
ومنها قوله: " واحذر كل عمل يرضاه صاحبه لنفسه، ويكرهه لعامة المسلمين، واحذر كل عمل يعمل في الستر، ويستحيا منه في العلانية، واحذر كل عمل إذا سئل عنه صاحبه أنكره واعتذر منه "، وهذه الوصايا الثلاث متقاربة في المعنى، ويشملها معنى قول الشاعر:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله * عار عليك إذا فعلت عظيم (4).

(١) سورة البقرة:
(٢) هاذم اللذات، من الهذم وهو القطع.
(٣) سورة الجمعة ٦، 7.
(4) لأبي الأسود الدؤلي من قصيدته الميمية، أوردها صاحب الخزانة في 3: 618.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407