معروفك على الناس، فما بالنا أشقى الخلق! بك قال: إنه لا مال معي، ولكن خذوا هذا الغلام فهو لكم، فأخذوه، فبكى الغلام فقال: يا مولاي، خدمتي وحرمتي! فقال:
أتبيعوني إياه؟ قالوا: نعم فاشتراه منهم بمال ثم أعتقه، وقال له: والله لا أعرضك لمثلها أبدا اذهب فأنت حر، فلما عاد إلى الكوفة حمل ذلك المال إليهم.
وكان المغيرة يأمر بالسكر والجوز فيدقان ويطعمهما أصحاب الصفة المساكين ويقول: إنهم يشتهون كما يشتهى غيرهم ولا يمكنهم، فخرج المغيرة في سفر ومعه جماعة فوردوا غديرا أو ليس لهم ماء غيره - وكان ملحا - فأمر بقرب العسل فشقت في الغدير وخيضت بمائه، فما شرب أحد منهم حتى راحوا إلا من قرب المغيرة.
وذكر الزبير أن ابنا لهشام بن عبد الملك كان يسوم المغيرة ماله بالمكان المسمى بديعا، فلا يبيعه، فغزا ابن هشام أرض الروم ومعه المغيرة، فأصابت الناس مجاعة في غزاتهم، فجاء المغيرة إلى ابن هشام فقال: إنك كنت تسومني مالي ببديع (1)، فآبي أن أبيعكه، فاشتر الان منى نصفه بعشرين ألف دينار. فأطعم المغيرة بها الناس، فلما رجع ابن هشام بالناس من غزوته تلك وقد بلغ هشاما الخبر قال لابنه: قبح الله رأيك أنت أمير الجيش، وابن أمير المؤمنين، يصيب الناس معك مجاعة فلا تطعمهم حتى يبيعك رجل سوقة ماله، و يطعم به الناس! ويحك أخشيت أن تفتقر إن أطعمت الناس!
قالوا: ولنا عكرمة بن أبي جهل الذي قام له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائما وهو بعد مشرك لم يسلم ولم يقم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل داخل عليه من الناس شريف ولا مشرف، إلا عكرمة وعكرمة هو الذي اجتهد في نصرة الاسلام بعد أن كان شديد العداوة، وهو الذي سأله أبو بكر أن يقبل منه معونة على الجهاد فأبى،