شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٨ - الصفحة ٣٠٤
معروفك على الناس، فما بالنا أشقى الخلق! بك قال: إنه لا مال معي، ولكن خذوا هذا الغلام فهو لكم، فأخذوه، فبكى الغلام فقال: يا مولاي، خدمتي وحرمتي! فقال:
أتبيعوني إياه؟ قالوا: نعم فاشتراه منهم بمال ثم أعتقه، وقال له: والله لا أعرضك لمثلها أبدا اذهب فأنت حر، فلما عاد إلى الكوفة حمل ذلك المال إليهم.
وكان المغيرة يأمر بالسكر والجوز فيدقان ويطعمهما أصحاب الصفة المساكين ويقول: إنهم يشتهون كما يشتهى غيرهم ولا يمكنهم، فخرج المغيرة في سفر ومعه جماعة فوردوا غديرا أو ليس لهم ماء غيره - وكان ملحا - فأمر بقرب العسل فشقت في الغدير وخيضت بمائه، فما شرب أحد منهم حتى راحوا إلا من قرب المغيرة.
وذكر الزبير أن ابنا لهشام بن عبد الملك كان يسوم المغيرة ماله بالمكان المسمى بديعا، فلا يبيعه، فغزا ابن هشام أرض الروم ومعه المغيرة، فأصابت الناس مجاعة في غزاتهم، فجاء المغيرة إلى ابن هشام فقال: إنك كنت تسومني مالي ببديع (1)، فآبي أن أبيعكه، فاشتر الان منى نصفه بعشرين ألف دينار. فأطعم المغيرة بها الناس، فلما رجع ابن هشام بالناس من غزوته تلك وقد بلغ هشاما الخبر قال لابنه: قبح الله رأيك أنت أمير الجيش، وابن أمير المؤمنين، يصيب الناس معك مجاعة فلا تطعمهم حتى يبيعك رجل سوقة ماله، و يطعم به الناس! ويحك أخشيت أن تفتقر إن أطعمت الناس!
قالوا: ولنا عكرمة بن أبي جهل الذي قام له رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائما وهو بعد مشرك لم يسلم ولم يقم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لرجل داخل عليه من الناس شريف ولا مشرف، إلا عكرمة وعكرمة هو الذي اجتهد في نصرة الاسلام بعد أن كان شديد العداوة، وهو الذي سأله أبو بكر أن يقبل منه معونة على الجهاد فأبى،

(1) بديع: ماء عليه نخيل وعيون جارية بقرب وادي القرى. ياقوت.
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر بقية الخبر عن فتح مكة 7
2 65 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 22
3 66 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى عبد الله بن العباس 28
4 67 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى قثم بن العباس وهو عامله على مكة 30
5 68 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى سلمان الفارسي قبل أيام خلافته 34
6 سلمان الفارسي وخبر إسلامه 34
7 69 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى الحارث الهمداني 41
8 الحارث الأعور ونسبه 42
9 نبذ من الأقوال الحكيمة 43
10 70 - من كتاب له عليه السلام إلى سهل بن حنيف وهو عامله على المدينة 52
11 71 - من كتاب له عليه السلام إلى المنذر بن الجارود 54
12 ذكر المنذر وأبيه الجارود 55
13 72 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس 60
14 73 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 62
15 74 - من حلف له عليه السلام كتبه بين ربيعة واليمن 66
16 75 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلاف 68
17 76 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرة 70
18 77 - من وصية له عليه السلام لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارج 71
19 78 - من كتاب له عليه السلام أجاب به أبا موسى الأشعري عن كتاب كتبه إليه 74
20 79 - من كتاب له عليه السلام لما استخلف إلى أمراء الأجناد حكمه عليه السلام ومواعظه، ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله وكلامه 77
21 القصير في سائر أغراضه 82
22 نبذ مما قيل في الشيب والخضاب 123
23 نبذ مما قيل في المروءة 128
24 نبذ وحكايات مما وقع بين يدي الملوك 143
25 في مجلس قتيبة بن مسلم الباهلي 152
26 أقوال وحكايات حول الحمقى والمغفلين 159
27 خباب بن الأرت 171
28 محمد بن جعفر والمنصور 206
29 محنة ابن المقنع 269
30 فصل في نسب بني مخزوم وطرف من أخبارهم 285
31 نوادر المكثرين من الأكل 397
32 سعة الصدر وما ورد في ذلك من حكايات 407