(80) الأصل وقال (عليه السلام) لرجل أفرط في الثناء عليه وكان له متهما: أنا دون ما تقول، وفوق ما في نفسك * * * الشرح قد سبق منا قول مقنع في كراهية مدح الانسان في وجهه.
وكان عمر جالسا وعنده الدرة، إذ أقبل الجارود العبدي، فقال رجل: هذا الجارود سيد ربيعه، فسمعها عمر ومن حوله، وسمعها الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدرة فقال: ما لي ولك يا أمير المؤمنين! قال: ما لي ولك! أما لقد سمعتها، قال: وما سمعتها فمه!
قال: ليخالطن قلبك منها شئ، وأنا أحب أن أطأطئ منك.
وقالت الحكماء: إنه يحدث للممدوح في وجهه أمران مهلكان: أحدهما الاعجاب بنفسه، والثاني إذا أثنى عليه بالدين أو العلم فتر وقل اجتهاده، ورضى عن نفسه، ونقص تشميره وجده في طلب العلم والدين فإنه إنما يتشمر من رأى نفسه مقصرا فأما من أطلقت الألسن بالثناء عليه فإنه يظن أنه قد وصل وأدرك، فيقل اجتهاده، ويتكل على ما قد حصل له عند الناس، ولهذا قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لمن مدح