(73) الأصل:
كل معدود منقض، وكل متوقع آت.
* * * الشرح:
الكلمة الأولى تؤكد مذهب جمهور المتكلمين في أن العالم كله لابد أن ينقضي ويفنى، ولكن المتكلمين الذاهبين إلى هذا القول لا يقولون: يجب ان يكون فانيا ومنقضيا لأنه معدود، فإن ذلك لا يلزم، ومن الجائز أن يكون معدودا ولا يجب فناؤه، ولهذا قال أصحابنا: إنما علمنا أن العالم يفنى عن طريق السمع لا من طريق العقل، فيجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما يطابق ذلك، وهو أنه أو ليس يعنى أن العدد علة في وجوب الانقضاء، كما يشعر به ظاهر لفظه، وهو الذي يسميه أصحاب أصول الفقه إيماء، وإنما مراده (1) كل معدود فاعلموا أنه فان ومنقض، فقد حكم على كل معدود بالانقضاء حكما مجردا عن العلة، كما لو قيل: زيد قائم، أو ليس يعنى أنه قائم، لأنه يسمى زيدا.
فأما قوله: " وكل متوقع آت " فيماثله قول العامة في أمثالها: " لو انتظرت القيامة لقامت "، والقول في نفسه حق، لان العقلاء لا ينتظرون ما يستحيل وقوعه، وإنما ينتظرون ما يمكن وقوعه، وما لابد من وقوعه، فقد صح أن كل منتظر سيأتي.