فقال المهلب: حسبك يرحمك الله!
وكان عبد الملك بن هلال عنده زنبيل (١) مملوء حصا للتسبيح، فكان يسبح بواحدة واحدة، فإذا مل طرح اثنتين اثنتين، ثم ثلاثا ثلاثا فإذا ازداد ملاله قبض قبضة وقال:
سبحان الله عددك! فإذا ضجر أخذ بعرا الزنبيل وقلبه، وقال سبحان الله بعدد هذا.
ودخل قوم منزل الخريمي لبعض الامر، فجاء وقت صلاه الظهر، فسألوه عن القبلة فقال: إنما تركتها منذ شهر.
وحكى بعضهم، قال: رأيت أعرابيا، يبكى فسألته عن سبب بكائه، فقال:
بلغني أن جالوت قتل مظلوما.
وصف بعضهم أحمق، فقال: يسمع غير ما يقال، ويحفظ غير ما يسمع، ويكتب غير ما يحفظ، ويحدث بغير ما يكتب.
قال المأمون لثمامة: ما جهد البلاء يا أبا معن؟ قال: عالم يجرى عليه حكم جاهل.
قال، من أين قلت هذا؟ قال: حبسني الرشيد عند مسرور الكبير، فضيق على أنفاسي، فسمعته يوما يقرأ: ﴿ويل يومئذ للمكذبين﴾ (2) بفتح الذال، فقلت له: لا تقل أيها الأمير هكذا، قل: (للمكذبين)، وكسرت له الذال، لان المكذبين هم الأنبياء، فقال:
قد كان يقال لي عنك: إنك قدري، فلا نجوت إن نجوت الليلة منى! فعاينت منه تلك الليلة الموت من شدة ما عذبني.
قال أعرابي لابنه: يا بنى كن سبعا خالصا أو ذئبا حائسا (3)، أو كلبا حارسا، ولا تكن أحمق ناقصا.