(45) الأصل:
قدر الرجل على قدر همته، وصدقه على قدر مروءته وشجاعته على قدر أنفته، وعفته على قدر غيرته.
* * * الشرح:
قد تقدم الكلام في كل هذه الشيم والخصال، ثم نقول هاهنا: إن كبر الهمة خلق مختص بالانسان فقط، وأما سائر الحيوانات فليس يوجد فيها ذلك، وإنما يتجرا كل نوع منها الفعل بقدر ما في طبعه، وعلو الهمة حال متوسطة محمودة بين حالتين طرفي رذيلتين، وهما الندح، وتسميه الحكماء التفتح - وصغر الهمة - وتسمية الناس الدناءة، فالتفتح تأهل الانسان لما لا يستحقه، وصغر الهمة تركة لما يستحقه لضعف في نفسة، فهذان مذمومان، والعدالة وهي الوسط بينهما محمودة، وهي علو الهمة، وينبغي أن يعلم أن المتفتح جاهل أحمق، وصغير الهمة أو ليس بجاهل ولا أحمق، ولكنه دنئ ضعيف قاصر، وإذا أردت التحقيق، فالكبير الهمة من لا يرضى بالهمم الحيوانية، ولا يقنع لنفسه أن يكون عند رعاية بطنه وفرجه بل يجتهد في معرفة صانع العالم ومصنوعاته، وفى اكتساب المكارم الشرعية ليكون من خلفاء الله وأوليائه في الدنيا، ومجاوريه في الآخرة، ولذلك قيل: من عظمت همته لم يرض بقينة مستردة، وحياة مستعارة، فإن أمكنك