يقتضى خلافه. فإنه لم يجب عما ذكره قاضي القضاة. لان معنى قوله: إنها لو كانت في يدها أي متصرفة فيها لكانت اليد حجة في الملكية. لان اليد والتصرف حجة لا محالة فلو كانت في يدها تتصرف فيها وفى ارتفاقها كما يتصرف الناس في ضياعهم وأملاكهم لما احتاجت إلى الاحتجاج بآية الميراث ولا بدعوى النحل. لان اليد حجة فهلا قالت لأبي بكر:
هذه الأرض في يدي. ولا يجوز انتزاعها منى إلا بحجة! وحينئذ كان يسقط احتجاج أبى بكر بقوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) لأنها ما تكون قد ادعتها ميراثا ليحتج عليها بالخبر. وخبر أبي سعيد في قوله: (فأعطاها فدك) يدل على الهبة لا على القبض والتصرف. ولأنه يقال: أعطاني فلان كذا فلم أقبضه ولو كان الاعطاء هو القبض والتصرف لكان هذا الكلام متناقضا.
فأما تعجب المرتضى من قول أبى على: إن دعوى الإرث كانت متقدمة على دعوى النحل وقوله: إنا لا نعرف له غرضا في ذلك فإنه لا يصح له بذلك مذهب ولا يبطل على مخالفيه مذهب. فإن المرتضى لم يقف على مراد الشيخ أبى على في ذلك. وهذا شئ يرجع إلى أصول الفقه فإن أصحابنا استدلوا على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد بإجماع الصحابة لأنهم أجمعوا على تخصيص قوله تعالى: ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾ (1) برواية أبى بكر عن النبي صلى الله عليه وآله (لا نورث ما تركناه صدقة). قالوا:
والصحيح في الخبر أن فاطمة عليه السلام طالبت بعد ذلك بالنحل لا بالميراث فلهذا قال الشيخ أبو علي: إن دعوى الميراث تقدمت على دعوى النحل وذلك لأنه ثبت أن فاطمة انصرفت عن ذلك المجلس غير راضية ولا موافقة لأبي بكر. فلو كانت دعوى الإرث متأخرة وانصرفت عن سخط لم يثبت الاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد. أما إذا كانت دعوى الإرث متقدمة فلما روى لها الخبر أمسكت وانتقلت إلى النزاع من جهة أخرى فإنه يصح حينئذ الاستدلال بالاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد.