شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٨٥
يقتضى خلافه. فإنه لم يجب عما ذكره قاضي القضاة. لان معنى قوله: إنها لو كانت في يدها أي متصرفة فيها لكانت اليد حجة في الملكية. لان اليد والتصرف حجة لا محالة فلو كانت في يدها تتصرف فيها وفى ارتفاقها كما يتصرف الناس في ضياعهم وأملاكهم لما احتاجت إلى الاحتجاج بآية الميراث ولا بدعوى النحل. لان اليد حجة فهلا قالت لأبي بكر:
هذه الأرض في يدي. ولا يجوز انتزاعها منى إلا بحجة! وحينئذ كان يسقط احتجاج أبى بكر بقوله: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) لأنها ما تكون قد ادعتها ميراثا ليحتج عليها بالخبر. وخبر أبي سعيد في قوله: (فأعطاها فدك) يدل على الهبة لا على القبض والتصرف. ولأنه يقال: أعطاني فلان كذا فلم أقبضه ولو كان الاعطاء هو القبض والتصرف لكان هذا الكلام متناقضا.
فأما تعجب المرتضى من قول أبى على: إن دعوى الإرث كانت متقدمة على دعوى النحل وقوله: إنا لا نعرف له غرضا في ذلك فإنه لا يصح له بذلك مذهب ولا يبطل على مخالفيه مذهب. فإن المرتضى لم يقف على مراد الشيخ أبى على في ذلك. وهذا شئ يرجع إلى أصول الفقه فإن أصحابنا استدلوا على جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد بإجماع الصحابة لأنهم أجمعوا على تخصيص قوله تعالى: ﴿يوصيكم الله في أولادكم﴾ (1) برواية أبى بكر عن النبي صلى الله عليه وآله (لا نورث ما تركناه صدقة). قالوا:
والصحيح في الخبر أن فاطمة عليه السلام طالبت بعد ذلك بالنحل لا بالميراث فلهذا قال الشيخ أبو علي: إن دعوى الميراث تقدمت على دعوى النحل وذلك لأنه ثبت أن فاطمة انصرفت عن ذلك المجلس غير راضية ولا موافقة لأبي بكر. فلو كانت دعوى الإرث متأخرة وانصرفت عن سخط لم يثبت الاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد. أما إذا كانت دعوى الإرث متقدمة فلما روى لها الخبر أمسكت وانتقلت إلى النزاع من جهة أخرى فإنه يصح حينئذ الاستدلال بالاجماع على تخصيص الكتاب بخبر الواحد.

(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268