وذلك لان الضوء الأول يكون علة في الضوء الثاني ألا ترى أن الهواء المقابل للشمس يصير مضيئا من الشمس! فهذا الضوء هو الضوء الأول.
ثم إنه يقابل وجه الأرض فيضئ وجه الأرض منه فالضوء الذي على وجه الأرض هو الضوء الثاني وما دام الضوء الأول ضعيفا فالضوء الثاني ضعيف. فإذا ازداد الجو إضاءة ازداد وجه الأرض إضاءة لان المعلول يتبع العلة فشبه عليه السلام نفسه بالضوء الثاني وشبه رسول الله صلى الله عليه وآله بالضوء الأول وشبه منبع الأضواء والأنوار سبحانه وجلت أسماؤه بالشمس التي توجب الضوء الأول ثم الضوء الأول يوجب الضوء الثاني.
وها هنا نكتة وهي أن الضوء الثاني يكون أيضا علة لضوء ثالث وذلك أن الضوء الحاصل على وجه الأرض - وهو الضوء الثاني - إذا أشرق على جدار مقابل ذلك الجدار قريبا منه مكان مظلم فإن ذلك المكان يصير مضيئا بعد أن كان مظلما وإن كان لذلك المكان المظلم باب وكان داخل البيت مقابل ذلك الباب جدار كان ذلك الجدار أشد إضاءة من باقي البيت ثم ذلك الجدار إن كان فيه ثقب إلى موضع آخر كان ما يحاذي ذلك البيت أشد إضاءة مما حواليه وهكذا لا تزال الأضواء (1) يوجب بعضها بعضا على وجه الانعكاس بطريق العلية وبشرط المقابلة ولا تزال تضعف درجة درجة إلى أن تضمحل ويعود الامر إلى الظلمة. وهكذا عالم العلوم. والحكم المأخوذة من أمير المؤمنين عليه السلام لا تزال تضعف كما انتقلت من قوم إلى قوم إلى أن يعود الاسلام غريبا كما بدأ بموجب الخبر النبوي الوارد في الصحاح.
وأما قوله: (والذراع من العضد) فلان الذراع فرع على العضد والعضد أصل ألا ترى أنه لا يمكن أن يكون ذراع إلا إذا كان عضد ويمكن أن يكون عضد لا ذراع له ولهذا قال الراجز لولده:
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد * أصبحت منى كذراع من عضد.