شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٦ - الصفحة ٢٩٠
وذلك لان الضوء الأول يكون علة في الضوء الثاني ألا ترى أن الهواء المقابل للشمس يصير مضيئا من الشمس! فهذا الضوء هو الضوء الأول.
ثم إنه يقابل وجه الأرض فيضئ وجه الأرض منه فالضوء الذي على وجه الأرض هو الضوء الثاني وما دام الضوء الأول ضعيفا فالضوء الثاني ضعيف. فإذا ازداد الجو إضاءة ازداد وجه الأرض إضاءة لان المعلول يتبع العلة فشبه عليه السلام نفسه بالضوء الثاني وشبه رسول الله صلى الله عليه وآله بالضوء الأول وشبه منبع الأضواء والأنوار سبحانه وجلت أسماؤه بالشمس التي توجب الضوء الأول ثم الضوء الأول يوجب الضوء الثاني.
وها هنا نكتة وهي أن الضوء الثاني يكون أيضا علة لضوء ثالث وذلك أن الضوء الحاصل على وجه الأرض - وهو الضوء الثاني - إذا أشرق على جدار مقابل ذلك الجدار قريبا منه مكان مظلم فإن ذلك المكان يصير مضيئا بعد أن كان مظلما وإن كان لذلك المكان المظلم باب وكان داخل البيت مقابل ذلك الباب جدار كان ذلك الجدار أشد إضاءة من باقي البيت ثم ذلك الجدار إن كان فيه ثقب إلى موضع آخر كان ما يحاذي ذلك البيت أشد إضاءة مما حواليه وهكذا لا تزال الأضواء (1) يوجب بعضها بعضا على وجه الانعكاس بطريق العلية وبشرط المقابلة ولا تزال تضعف درجة درجة إلى أن تضمحل ويعود الامر إلى الظلمة. وهكذا عالم العلوم. والحكم المأخوذة من أمير المؤمنين عليه السلام لا تزال تضعف كما انتقلت من قوم إلى قوم إلى أن يعود الاسلام غريبا كما بدأ بموجب الخبر النبوي الوارد في الصحاح.
وأما قوله: (والذراع من العضد) فلان الذراع فرع على العضد والعضد أصل ألا ترى أنه لا يمكن أن يكون ذراع إلا إذا كان عضد ويمكن أن يكون عضد لا ذراع له ولهذا قال الراجز لولده:
يا بكر بكرين ويا خلب الكبد * أصبحت منى كذراع من عضد.

(1) كذا في (د). ا، ب: (لا يزال الضوء).
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 29 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل البصرة 3
2 30 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 6
3 31 - من وصية له عليه السلام للحسن ابنه، كتبها إليه بحاضرين عند الفراق من صفين 9
4 ترجمة الحسن بن علي وذكر بعض أخباره 9
5 بعض ما قيل من الشعر في الدهر وفعله بالإنسان 55
6 أقوال حكيمة في وصف الدنيا وفناء الخلق 91
7 بعض ما قيل من الشعر في الغيرة 127
8 اعتزاز الفرزدق بقومه 129
9 وفود الوليد بن جابر على معاوية 130
10 32 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 132
11 ذكر بعض ما دار بين علي ومعاوية من الكتب 133
12 قثم بن العباس وبعض أخباره 140
13 34 - من كتاب له عليه السلام إلى محمد بن أبي بكر لما بلغه توجده من عزله بالأشتر على مصر 142
14 محمد بن أبي بكر وبعض أخباره 142
15 35 - من كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد ابن أبي بكر 145
16 36 - من كتاب له عليه السلام إلى أخيه عقيل بن أبي طالب في ذكر جيش أنفذه إلى بعض الأعداء 148
17 37 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 153
18 38 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر 156
19 39 - من كتاب له عليه السلام إلى عمرو بن العاص 160
20 40 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله 164
21 41 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض عماله أيضا 167
22 اختلاف الرأي فيمن كتبه له هذا الكتاب 169
23 42 - من كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي 173
24 عمر بن أبي سلمة ونسبه وبعض أخباره 173
25 النعمان بن عجلان ونسبه وبعض أخباره 174
26 43 - من كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني، وكان عامله على أردشير خرة 175
27 44 - من كتاب له عليه السلام إلى زياد بن أبيه، وقد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته واستلحاقه 177
28 نسب زياد بن أبيه وذكر بعض أخباره وكتبه وخطبه 179
29 45 - من كتاب له عليه السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة 205
30 عثمان بن حنيف ونسبه 205
31 ذكر ما ورد من السير والأخبار في أمر فدك وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم 210
32 الفصل الثاني في النظر في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل يورث أم لا؟ 237
33 الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله لفاطمة أم لا 268