في نفسي هذه أشد من وقعة بدر، وجعلت أقول لخالد بن الوليد: كر على القوم، فيقول وترى وجها نكر فيه حتى نظرت إلى الجبل الذي كان عليه الرماة خاليا، فقلت يا أبا سليمان، أنظر وراءك، فعطف عنان فرسه، وكررنا معه، فانتهينا إلى الجبل، فلم نجد عليه أحدا له بال، وجدنا نفيرا فأصبناهم، ثم دخلنا العسكر، والقوم غارون ينتهبون عسكرنا، فأقحمنا الخيل عليهم، فتطايروا في كل وجه، ووضعنا السيوف فيهم حيث شئنا، وجعلت أطلب الأكابر من الأوس والخزرج قتلة الأحبة، فلا أرى أحدا، هربوا فما كان حلب ناقة حتى تداعت الأنصار بينها، فأقبلت فخالطونا ونحن فرسان، فصبرنا لهم، وصبروا لنا، وبذلوا أنفسهم حتى عقروا فرسي، وترجلت فقتلت منهم عشرة، ولقيت من رجل منهم الموت الناقع، حتى وجدت ريح الدم، وهو معانقي ما يفارقني، حتى أخذته الرماح من كل ناحية، فوقع. فالحمد لله الذي أكرمهم بيدي، ولم يهني بأيديهم.
قال الواقدي: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: من له علم بذكوان بن عبد قيس فقال علي عليه السلام: أنا رأيت يا رسول الله فارسا يركض في أثره حتى لحقه، وهو يقول لا نجوت إن نجوت فحمل عليه فرسه وذكوان راجل، فضربه وهو يقول خذها وأنا ابن علاج فقتله، فأهويت إلى الفارس، فضربت رجله بالسيف، حتى قطعتها من نصف الفخذ، ثم طرحته عن فرسه فذففت عليه، وإذا هو أبو الحكم بن أخنس بن شريق بن علاج بن عمرو بن وهب الثقفي.
قال الواقدي: وقال علي عليه السلام: لما كان يوم أحد وجال الناس تلك الجولة اقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة، وهو دارع مقنع في الحديد ما يرى منه إلا عيناه، وهو يقول يوم بيوم بدر فيعرض له رجل من المسلمين، فقتله أمية، قال علي عليه السلام:
وأصمد له، فأضربه بالسيف على هامته، وعليه بيضة، وتحت البيضة مغفر، فنبا سيفي،