وأنا مؤديه إليكم، أمر ألا تستخفوا بسلطان الله، وألا تجترئوا [على الله] أن تأخذوا كل من قدم عليكم من أهل المدينة في هذا الامر، فتردوه إلى المدينة، حتى تجتمع الأمة على إمام ترتضي به، انها فتنة صماء، النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، فكونوا جرثومة من جراثيم العرب، أغمدوا سيوفكم، وأنصلوا أسنتكم، واقطعوا أوتار قسيكم، حتى يلتئم هذا الامر، وتنجلي هذه الفتنة.
قال أبو جعفر رحمه الله: فرجع ابن عباس إلى علي عليه السلام، فأخبره، فدعا الحسن ابنه عليه السلام وعمار بن ياسر، وأرسلهما إلى الكوفة، فلما قدماها كان أول من أتاهما مسروق بن الأجدع، فسلم عليهما، وأقبل على عمار، فقال يا أبا اليقظان، علام قتلتم أمير المؤمنين قال: على شتم أعراضنا، وضرب أبشارنا. قال: فوالله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لكان خيرا للصابرين. ثم خرج أبو موسى فلقى الحسن عليه السلام فضمه إليه، وقال لعمار: يا أبا اليقظان أغدوت فيمن غدا على أمير المؤمنين (1)، وأحللت نفسك مع الفجار قال: لم أفعل، ولم تسوءني فقطع عليهما الحسن، وقال لأبي موسى: يا أبا موسى لم تثبط الناس عنا، فوالله ما أردنا إلا الاصلاح، وما مثل أمير المؤمنين يخاف على شئ، قال أبو موسى: صدقت بأبي وأمي ولكن المستشار مؤتمن، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (ستكون فتنة (2)...) وذكر تمام الحديث. فغضب عمار وساءه ذلك، وقال: أيها الناس، إنما قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك له خاصة، وقام رجل من بنى تميم فقال لعمار أسكت أيها العبد أنت أمس مع الغوغاء، وتسافه أميرنا اليوم وثار زيد بن صوحان وطبقته، فانتصروا لعمار، وجعل أبو موسى يكف الناس ويردعهم عن الفتنة. ثم انطلق حتى صعد المنبر، واقبل زيد بن صوحان ومعه كتاب من عائشة إليه خاصة، وكتاب منها إلى أهل الكوفة عامة، تثبطهم عن نصرة