شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٤ - الصفحة ١٥
وقال تعالى: ﴿ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها﴾ (1). فاتقوا الله عباد الله، وضعوا أسلحتكم، وكفوا عن قتال إخوانكم.
أما بعد يا أهل الكوفة، إن تطيعوا الله باديا، وتطيعوني ثانيا، تكونوا جرثومة من جراثيم العرب، يأوى إليكم المضطر، ويأمن فيكم الخائف. إن عليا إنما يستنفركم لجهاد أمكم عائشة وطلحة والزبير حواري رسول الله ومن معهم من المسلمين، وأنا اعلم بهذه الفتن إنها إذا أقبلت شبهت، وإذا أدبرت أسفرت، إني أخاف عليكم أن يلتقي غاران منكم فيقتتلا ثم يتركا كالأحلاس الملقاة بنجوة من الأرض، ثم يبقى رجرجة (2) من الناس، لا يأمرون بالمعروف، ولا ينهون عن منكر. انها قد جاءتكم فتنة كافرة لا يدرى من أين تؤتى تترك الحليم حيران كأني أسمع رسول الله صلى الله عليه وآله بالأمس يذكر الفتن، فيقول (أنت فيها نائما خير منك قاعدا، وأنت فيها جالسا خير منك قائما، وأنت فيها قائما خير منك ساعيا) فثلموا سيوفكم وقصفوا رماحكم، وانصلوا (3) سهامكم، وقطعوا أوتاركم، وخلوا قريشا ترتق فتقها، وتراب صدعها، فان فعلت فلأنفسها ما فعلت، وإن أبت فعلى أنفسها ما جنت، سمنها في أديمها. استنصحوني ولا تستغشوني، وأطيعوني ولا تعصوني، يتبين لكم رشدكم، ويصلى هذه الفتنة من جناها.
فقام إليه عمار بن ياسر، فقال: أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك قال: نعم هذه يدي بما قلت، فقال إن كنت صادقا فإنما عناك بذلك وحدك، واتخذ عليك الحجة، فالزم بيتك ولا تدخلن في الفتنة، أما إني اشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر عليا بقتال الناكثين، وسمى له فيهم من سمى، وأمره بقتال القاسطين، وإن شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وآله

(١) سورة النساء ٩٣.
(2) الرجرجة: البقية وأصله في الماء.
(3) أنصل السهم: أزال عنه النصل.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 1 - من كتاب له عليه السلام إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة 6
2 أخبار على عند مسيره إلى البصرة ورسله إلى الكوفة 8
3 فصل في نسب عائشة وأخبارها 21
4 2 - ومن كتاب له عليه السلام بعد فتح البصرة 26
5 3 - من كتاب له عليه السلام لشريح بن الحارث قاضيه 27
6 نسب شريح وذكر بعض أخباره 28
7 4 - من كتاب له عليه السلام إلى بعض أمراء جيشه 32
8 5 - من كتاب له عليه السلام إلى الأشعث بن قيس وهو عامل أذربيجان 33
9 6 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية 35
10 جرير بن عبد الله البجلي عند معاوية 38
11 7 - من كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 41
12 8 - من كتاب له عليه السلام إلى جرير بن عبد الله البجلي لما أرسله إلى معاوية 45
13 9 - ومن كتاب له عليه السلام إلى معاوية أيضا 47
14 إجلاب قريش على بني هاشم وحصرهم في الشعب 52
15 القول في المؤمنين والكافرين من بني هاشم 64
16 اختلاف الرأي في إيمان أبي طالب 65
17 قصة غزوة بدر 84
18 القول في نزول الملائكة يوم بدر ومحاربتها المشركين 157
19 القول فيما جرى في الغنيمة والأسارى بعد هزيمة قريش ورجوعها إلى مكة 165
20 القول في تفصيل أسماء أسارى بدر ومن أسرهم 199
21 القول في المطعمين في بدر من المشركين 205
22 القول فيمن قتل ببدر من المشركين وأسماء قاتليهم 208
23 القول فيمن شهد بدرا من المسلمين 212
24 قصة غزوة أحد 213