الشرح:
الشواهد ها هنا، يريد بها الحواس، وسماها (شواهد) اما لحضورها; شهد فلان كذا أي حضره، أو لأنها تشهد على ما تدركه وتثبته عند العقل، كما يشهد الشاهد بالشئ ويثبته عند الحاكم.
والمشاهد ها هنا المجالس والنوادي، يقال حضرت مشهد بنى فلان، أي ناديهم ومجتمعهم.
ثم فسر اللفظة الأولى وأبان عن مراده بها بقوله (ولا تراه النواظر)، وفسر اللفظة الثانية وأبان عن مرادها، فقال (ولا تحجبه السواتر).
ثم قال (الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث خلقه على وجوده); هذا مشكل، لان لقائل أن يقول إذا دل على قدمه بحدوث خلقه، فقد دخل في جملة المدلول كونه موجودا، لان القديم هو الموجود ولم يزل، فأي حاجة إلى أن يعود فيقول وبحدوث خلقه على وجوده.
ولمجيب أن يجيب على طريقة شيوخنا أصحاب أبي هاشم، فيقول لا يلزم من الاستدلال بحدوث الأجسام على أنه لا بد من محدث قديم كونه موجودا; لان عندهم إن الذات المعدومة قد تتصف بصفات ذاتية، وهي معدومة، فلا يلزم من كون صانع العالم عندهم عالما قادرا حيا أن يكون موجودا، بل لا بد من دلالة زائدة، على أن له صفة الوجود وهي والدلالة التي يذكرونها، من إن كونه قادرا عالما تقتضي تعلقه بالمقدور والمعلوم، وكل ذات متعلقة، فان عدمها يخرجها عن التعلق كالإرادة، فلو كان تعالى معدوما لم يجز أن يكون متعلقا، فحدوث الأجسام إذا قد دل على أمرين من وجهين مختلفين أحدهما انه لا بد من صانع له، وهذا هو المعنى بقدمه.