شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٤٧
كونه سوادا غير مختلف، وكذلك البياض فصارت الدلالة هكذا الذوات التي عندنا يشبه بعضها بعضا، وهي محدثة; فلو كان الباري سبحانه يشبه شيئا منها لكان مثلها، ولكان محدثا لان حكم الشئ حكم مثله، لكنه تعالى ليس بمحدث، فليس بمشابه لشئ، منها فقد صح إذا قوله عليه السلام (وباشتباههم على أن لا شبه له).
قوله عليه السلام (الذي صدق في ميعاده)، لا يجوز الا يصدق، لان الكذب قبيح عقلا، والباري تعالى يستحيل منه من جهة الداعي والصارف أن يفعل القبيح.
قوله عليه السلام (وارتفع عن ظلم عباده)، هذا هو مذهب أصحابنا المعتزلة، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أخذوه; وهو أستاذهم وشيخهم في العدل والتوحيد، فاما الأشعرية، فإنها وان كانت تمتنع عن اطلاق القول بان الله تعالى يظلم العباد الا انها تعطى المعنى في الحقيقة، لان الله عندهم يكلف العباد ما لا يطيقونه، بل هو سبحانه عندهم لا يكلفهم الا ما لا يطيقونه، بل هو سبحانه عندهم لا يقدر على يكلفهم ما يطيقونه، وذلك لان القدرة عندهم مع الفعل، فالقاعد غير قادر على القيام، وإنما يكون قادرا على القيام عند حصول القيام، ويستحيل عندهم أن يوصف الباري تعالى بإقدار العبد القاعد على القيام، وهو مع ذلك مكلف له أن يقوم، وهذا غاية ما يكون من الظلم سواء أطلقوا هذه اللفظة عليه أو لم يطلقوها.
ثم أعاد الكلام الأول في التوحيد تأكيدا، فقال حدوث الأشياء دليل على قدمه، وكونها عاجزة عن كثير من الافعال دليل على قدرته، وكونها فانية دليل على بقائه.
فان قلت اما الاستدلال بحدوث الأشياء على قدمه فمعلوم، فكيف يكون الاستدلال على الامرين الأخيرين
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317