فتعالى الذي أقامها على قوائمها; وبناها على دعائمها لم يشركه في فطرتها فاطر، ولم يعنه على خلقها قادر.
ولو ضربت في مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلتك الدلالة الا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة; لدقيق تفصيل كل شئ، وغامض اختلاف كل حي.
وما الجليل واللطيف، والثقيل والخفيف، والقوى والضعيف في خلقه الا سواء.
وكذلك السماء والهواء، والرياح والماء. فانظر إلى الشمس والقمر، والنبات والشجر، والماء والحجر، واختلاف هذا الليل والنهار، وتفجر هذه البحار، وكثرة هذه الجبال، وطول هذه القلال، وتفرق هذه اللغات، والألسن المختلفات.
فالويل لمن أنكر المقدر، وجحد المدبر.
زعموا انهم كالنبات ما لهم زارع، ولا لاختلاف صورهم صانع; ولم يلجأوا إلى حجة فيما ادعوا، ولا تحقيق لما دعوا، وهل يكون بناء من غير بان، أو جناية من غير جان.
* * * الشرح:
مدخولة: معيبة وفلق شق وخلق والبشر ظاهر الجلد.
قوله عليه السلام (وصبت على رزقها)، قيل هو على العكس، أي وصب رزقها عليها، والكلام صحيح ولا حاجة فيه إلى هذا، والمراد كيف همت حتى انصبت على رزقها انصبابا; أي انحطت عليه ويروى (وضنت على رزقها) بالضاد المعجمة والنون، أي بخلت وجحرها بيتها.