ما غسل رسول الله صلى الله عليه وآله الا نساؤه ولو كان في ذلك المقام غيره من أولي الطباع الخشنة، وأرباب الفظاظة والغلظة، وقد سال أوس ذلك - لزجر وانتهر ورجع خائبا.
قال الطبري وكان المغيرة بن شعبة يدعى انه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله، ويقول للناس إنني اخذت خاتمي فألقيته في القبر، وقلت إن خاتمي قد سقط منى، وإنما طرحته عمدا; لامس رسول الله صلى الله عليه وآله، فأكون آخر الناس به عهدا (1).
قال الطبري فروى عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب عليه السلام في زمان عمر - أو عثمان - فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فلما فرغ من عمرته رجع وقد سكب له غسل، فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق، فقالوا يا أبا الحسن، جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا به فقال أظن المغيرة يحدثكم انه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله قالوا اجل، عن ذا جئنا نسألك قال كذب أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله قثم بن العباس، كان آخرنا خروجا من قبره (2).
قلت بحق ما عاب أصحابنا رحمهم الله المغيرة وذموه وانتقصوه فإنه كان على طريقة غير محمودة، وأبى الله الا أن يكون كاذبا على كل حال، لأنه إن لم يكن أحدثهم بالنبي عهدا، فقد كذب في دعواه انه أحدثهم به عهدا، وإن كان أحدثهم به عهدا كما يزعم فقد اعترف بأنه كذب في قوله لهم (سقط خاتمي منى); وإنما ألقاه عمدا، وأين المغيرة ورسول الله صلى الله عليه وآله ليدعى القرب منه، وانه أحدث الناس عهدا به