قلت وهذا أيضا من العجائب، لأنه إذا مات يوم الاثنين وقت ارتفاع الضحى - كما ذكر في الرواية - ودفن ليلة الأربعاء وسط الليل، فلم يمض عليه ثلاثة أيام كما ورد في تلك الرواية.
وأيضا فمن العجب كون عائشة، وهو في بيتها لا تعلم بدفنه حتى سمعت صوت المساحي، أتراها أين كانت وقد سالت عن هذا جماعة، فقالوا لعلها كانت في بيت يجاور بيتها عندها نساء كما جرت عادة أهل الميت; وتكون قد اعتزلت بيتها وسكنت ذلك البيت، لان بيتها مملوء بالرجال من أهل رسول الله صلى الله عليه وآله وغيرهم من الصحابة، وهذا قريب، ويحتمل أن يكون.
قال الطبري: ونزل في قبر رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام، والفضل بن عباس، وقثم أخوه، وشقران مولاهم. وقال أوس بن خولي لعلى عليه السلام أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له انزل، فنزل مع القوم، واخذ شقران قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وآله يلبسها، فقذفها معه في القبر، وقال لا يلبسها أحد بعده (1).
قلت من تأمل هذه الأخبار، علم أن عليا عليه السلام كان الأصل والجملة والتفصيل في أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وجهازه، الا ترى أن أوس بن خولي لا يخاطب أحدا من الجماعة غيره، ولا يسال غيره في حضور الغسل والنزول في القبر ثم انظر إلى كرم علي عليه السلام وسجاحة أخلاقه وطهارة شيمته، كيف لم يضن بمثل هذه المقامات الشريفة; عن أوس وهو رجل غريب من الأنصار، فعرف له حقه واطلبه (2) بما طلبه فكم بين هذه السجية الشريفة، وبين قول من قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت