والثاني إن هذا الصانع له صفة، لأجلها يصح على ذاته أن تكون قادرة عالمة، وهذا هو المعنى بوجوده.
فان قلت أيقول أصحاب شيخكم أبى هاشم إن الذات المعدومة التي لا أول لها تسمى قديمة؟
قلت لا، والبحث في هذا بحث في اللفظ لا في المعنى.
والمراد بقوله عليه السلام (الدال بحدوث الأشياء على قدمه)، أي على كونه ذاتا لم يجعلها جاعل، وليس المراد بالقدم ها هنا الوجود لم يزل، بل مجرد الذاتية لم يزل.
ثم يستدل بعد ذلك بحدوث الأشياء على أن له صفة أخرى لم تزل زائدة على مجرد الذاتية، وتلك الصفة هي وجوده فقد اتضح المراد الان.
فان قلت فهل لهذا الكلام مساغ على مذهب البغداديين قلت نعم إذا حمل على منهج التأويل بان يريد بقوله (وبحدوث خلقه على وجوده)، أي على صحة ايجاده له فيما بعد، أي اعادته بعد العدم يوم القيامة، لأنه إذا صح منه تعالى احداثه ابتداء صح منه ايجاده ثانيا على وجه الإعادة، لان الماهية قابلة للوجود والعدم، والقادر قادر لذاته، فاما من روى بحدوث خلقه على وجوده، فإنه قد سقطت عنه هذه الكلف كلها والمعنى على هذا ظاهر; لأنه تعالى دل المكلفين بحدوث خلقه على أنه جواد منعم، ومذهب أكثر المتكلمين انه خلق العالم جودا وإنعاما وإحسانا إليهم.
قوله عليه السلام (وباشتباههم على أن لا شبه له) هذا دليل صحيح، وذلك لأنه إذا ثبت أن جسما ما محدث، ثبت أن سائر الأجسام محدثة; لان الأجسام متماثلة، وكل ما صح على الشئ صح على مثله، وكذلك إذا ثبت أن سوادا ما أو بياضا ما محدث، ثبت أن سائر السوادات والبياضات محدثة، لان حكم الشئ حكم مثله، والسواد في معنى