وقد علم الله تعالى والمسلمون انه لولا الحدث الذي أحدث، والقوم الذين صحبهم فقتلهم غدرا، واتخذ أموالهم; ثم التجأ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ليعصمه لم يسلم، ولا وطئ حصا المدينة.
قال الطبري وقد اختلف في سن رسول الله صلى الله عليه وآله، فالأكثرون انه كان ابن ثلاث وستين سنة، وقال قوم ابن خمس وستين سنة، وقال قوم ابن ستين.
فهذا ما ذكره الطبري في تاريخه (1).
وروى محمد بن حبيب في " أماليه " قال تولى غسل النبي صلى الله عليه وآله علي عليه السلام والعباس رضي الله عنه.
وكان علي عليه السلام يقول بعد ذلك ما شممت أطيب من ريحه، ولا رأيت أضوء من وجهه حينئذ، ولم أره يعتاد فاه ما يعتاد أفواه الموتى.
قال محمد بن حبيب فلما كشف الإزار عن وجهه بعد غسله انحنى عليه فقبله مرارا; وبكى طويلا وقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وطبت ميتا انقطع بموتك ما لم ينقطع بموت أحد سواك من النبوة والأنباء واخبار السماء خصصت حتى صرت مسليا عمن سواك; وعممت حتى صارت المصيبة فيك سواء ولولا انك أمرت بالصبر، ونهيت عن الجزع لأنفدنا عليك ماء الشؤون; ولكن أتى ما لا يدفع أشكو إليك كمدا وإدبارا مخالفين وداء الفتنة، فإنها قد استعرت نارها وداؤها الداء الأعظم بأبي أنت وأمي اذكرنا عند ربك، واجعلنا من بالك وهمك.
ثم نظر إلى قذاة في عينه فلفظها بلسانه، ثم رد الإزار على وجهه.