أراد أن يبعث إلى علي ليوصي إليه، فنفست عائشة عليه، فسالت أن يحضر أبوها، ونفست حفصة عليه فسالت أن يحضر أبوها، ثم حضرا ولم يطلبا، فلا شبهة أن ابنتيهما طلبتاهما هذا هو الظاهر، وقول رسول الله صلى الله عليه وآله وقد اجتمعوا كلهم عنده (انصرفوا فان تكن لي حاجة بعثت إليكم)، قول من عنده ضجر وغضب باطن لحضورهما، وتهمة للنساء في استدعائهما، فكيف يطابق هذا الفعل وهذا القول ما روى من أن عائشة قالت لما عين على أبيها في الصلاة إن أبى رجل رقيق، فمر عمر وأين ذلك الحرص من هذا الاستعفاء والاستقالة وهذا يوهم صحة ما تقوله الشيعة من أن صلاة أبى بكر كانت عن أمر عائشة، وان كنت لا أقول بذلك، ولا اذهب إليه الا إن تأمل هذا الخبر ولمح مضمونه يوهم ذلك، فلعل هذا الخبر غير صحيح. وأيضا ففي الخبر ما لا يجيزه أهل العدل، وهو أن يقول (مروا أبا بكر)، ثم يقول عقيبه (مروا عمر)، لان هذا نسخ الشئ قبل تقضى وقت فعله.
فان قلت قد مضى من الزمان مقدار ما يمكن الحاضرين فيه أن يأمروا أبا بكر، وليس في الخبر الا انه أمرهم أن يأمروه، ويكفي في صحة ذلك مضى زمان يسير جدا يمكن فيه أن يقال يا أبا بكر صل بالناس.
قلت الاشكال ما نشأ من هذا الامر، بل من كون أبى بكر مأمورا بالصلاة، وإن كان بواسطة، ثم نسخ عنه الامر بالصلاة قبل مضى وقت يمكن فيه أن يفعل الصلاة فان قلت: لم قلت في صدر كلامك هذا انه أراد أن يبعث إلى علي ليوصي إليه ولم لا يجوز أن يكون بعث إليه لحاجة له قلت لان مخرج كلام ابن عباس هذا المخرج، الا ترى أن الأرقم بن شرحبيل الراوي لهذا الخبر قال سالت ابن عباس هل أوصي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا، فقلت فكيف كان فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في مرضه