شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ٤٨
قلت إذا شاركه سبحانه بعض الموجودات في كونه موجودا، وافترقا في أن أحدهما لا يصح منه فعل الجسم، ولا الكون، ولا الحياة، ولا الوجود المحدث - ويصح ذلك من الموجودات القديمة - دل على افتراقهما في أمر لأجله صح من القديم ذلك، وتعذر ذلك على المحدث، وذلك الامر هو الذي يسمى من كان عليه قادرا، وينبغي أن تحمل لفظة (العجز) هاهنا على المفهوم اللغوي، وهو تعذر الايجاد، لا على المفهوم الكلامي.
واما الاستدلال الثاني، فينبغي أن يحمل الفناء ها هنا على المفهوم اللغوي، وهو تغير الصفات وزوالها، لا على المفهوم الكلامي، فيصير تقدير الكلام: لما كانت الأشياء التي بيننا تتغير وتتحول وتنتقل من حال إلى حال، وعلمنا أن العلة المصححة لذلك كونها محدثة، علمنا أنه سبحانه لا يصح عليه التنقل والتغير، لأنه ليس بمحدث.
ثم قال (واحد لا بعدد) لان وحدته ذاتية، وليست صفة زائدة عليه، وهذا من الأبحاث الدقيقة في علم الحكمة، وليس هذا الكتاب موضوعا لبسط القول في أمثاله.
ثم قال (دائم لا بأمد)، لأنه تعالى ليس بزماني وداخل تحت الحركة والزمان، وهذا أيضا من دقائق العلم الإلهي، والعرب دون أن تفهم هذا أو تنطق به، ولكن هذا الرجل كان ممنوحا من الله تعالى بالفيض المقدس والأنوار الربانية.
ثم قال (قائم لا بعمد)، لأنه لما كان في الشاهد كل قائم فله عماد يعتمد عليه أبان عليه السلام تنزيهه تعالى عن المكان، وعما يتوهمه الجهلاء من أنه مستقر على عرشه بهذه اللفظة ومعنى القائم ها هنا ليس ما يسبق إلى الذهن من أنه المنتصب بل ما تفهمه من قولك فلان قائم بتدبير البلد، وقائم بالقسط.
ثم قال (تتلقاه الأذهان لا بمشاعرة)، أي تتلقاه تلقيا عقليا، ليس كما يتلقى الجسم الجسم بمشاعره وحواسه وجوارحه، وذلك لان تعقل الأشياء و هو حصول صورها
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317