حمزة يوم أحد، وعبيدة يوم بدر، فاحفظ اليوم على عليا ﴿رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين﴾ (١)، ولذلك ضن به عن مبارزة عمرو حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مرارا، في كلها يحجمون ويقدم على، فيسأل الاذن له في البراز حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وآله (انه عمرو)، فقال (وانا على)، فأدناه وقبله وعممه بعمامته، وخرج معه خطوات كالمودع له، القلق لحاله، المنتظر لما يكون منه، ثم لم يزل صلى الله عليه وآله رافعا يديه إلى السماء، مستقبلا لها بوجهه، والمسلمون صموت حوله، كأنما على رؤوسهم الطير، حتى ثارت الغبرة، وسمعوا التكبير من تحتها، فعلموا أن عليا قتل عمرا، فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكبر المسلمون تكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين، ولذلك قال حذيفة بن اليمان لو قسمت فضيلة علي عليه السلام بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم وقال ابن عباس في قوله تعالى ﴿وكفى الله المؤمنين القتال﴾ (2) قال بعلي بن أبي طالب.
قال الجاحظ على أن مشى الشجاع بالسيف إلى الاقران، ليس على ما توهمه من لا يعلم باطن الامر، لان معه في حال مشيه إلى الاقران بالسيف أمورا أخرى لا يبصرها الناس، وإنما يقضون على ظاهر ما يرون من اقدامه وشجاعته، فربما كان سبب ذلك الهوج، وربما كان الغرارة والحداثة، وربما كان الإحراج والحمية، وربما كان لمحبة النفخ والأحدوثة، وربما كان طباعا كطباع القاسي والرحيم والسخي والبخيل (3)