قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله فيقال للجاحظ فعلى أيها كان مشى علي بن أبي طالب إلى الاقران بالسيف فأيما قلت من ذلك بانت عداوتك لله تعالى ولرسوله، وإن كان مشيه ليس على وجه مما ذكرت، وإنما كان على وجه النصرة والقصد إلى المسابقة إلى ثواب الآخرة، والجهاد في سبيل الله، وإعزاز الدين، كنت بجميع ما قلت معاندا، وعن سبيل الانصاف خارجا، وفى امام المسلمين طاعنا، وان تطرق مثل هذا الوهم على علي عليه السلام ليتطرقن مثله على أعيان المهاجرين والأنصار أرباب الجهاد والقتال، الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وآله بأنفسهم ووقوه بمهجهم، وفدوه بأبنائهم وآبائهم، فلعل ذلك كان لعلة من العلل المذكورة، وفى ذلك الطعن في الدين، وفى جماعة المسلمين.
ولو جاز أن يتوهم هذا في علي عليه السلام وفى غيره، لما قال رسول الله صلى الله عليه وآله حكاية عن الله تعالى لأهل بدر (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، ولا قال لعلي عليه السلام (برز الايمان كله إلى الشرك كله)، ولا قال (أوجب طلحة) (1).
وقد علمنا ضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وآله تعظيمه لعلى عليه السلام تعظيما دينيا، لأجل جهاده ونصرته، فالطاعن فيه طاعن في رسول الله صلى الله عليه وآله، إذ زعم أنه قد يمكن أن يكون جهاده لا لوجه الله تعالى، بل لأمر آخر من الأمور التي عددها، وبعثه على التفوه بها إغواء الشيطان وكيده، والافراط في عداوة من أمر الله بمحبته، ونهى عن بغضه وعداوته.