أترى رسول الله صلى الله عليه وآله خفى عليه من أمر علي عليه السلام ما لاح للجاحظ والعثمانية فمدحه وهو غير مستحق للمدح.
قال الجاحظ فصاحب النفس المختارة المعتدلة يكون قتاله طاعة، وفراره معصية، لان نفسه معتدلة، كالميزان في استقامة لسانه وكفتيه، فإذا لم يكن كذلك كان اقدامه طباعا، وفراره طباعا (1).
قال شيخنا أبو جعفر رحمه الله فيقال له فلعل انفاق أبى بكر على ما تزعم أربعين ألف درهم لا ثواب له، لان نفسه ربما تكون غير معتدلة، لأنه يكون مطبوعا على الجود والسخاء، ولعل خروجه مع النبي صلى الله عليه وآله يوم الهجرة إلى الغار لا ثواب له فيه، لان أسبابه كانت له مهيجة، ودواعيه غالبة، محبة الخروج، وبغض المقام، ولعل رسول الله صلى الله عليه وآله في دعائه إلى الاسلام وإكبابه على الصلوات الخمس في جوف الليل، وتدبيره أمر الأمة لا ثواب له فيه، لأنه قد تكون نفسه غير معتدلة، بل يكون في طباعه الرياسة وحبها، والعبادة والالتذاذ بها، ولقد كنا نعجب من مذهب أبي عثمان أن المعارف ضرورة، وانها تقع طباعا، وفى قوله بالتولد وحركة الحجر بالطبع حتى رأينا من قوله ما هو أعجب منه، فزعم أنه ربما يكون جهاد علي عليه السلام وقتله المشركين لا ثواب له فيه، لأنه فعله طبعا، وهذا اطرف من قوله في المعرفة وفى التولد.
قال الجاحظ ووجه آخر أن عليا لو كان كما يزعم شيعته، ما كان له بقتل الاقران كبير فضيلة، ولا عظيم طاعة، لأنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال له