شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٤٠
إياه السجود الذي وقع الغي عنده من الشيطان، لا من الله، فصار حيث وقع عنده، كأنه موجب عنه، فنسب إلى البارئ، والتكليف تعريض للثواب ولذة الأبد، فكان جدير أن يقسم به، وقد أقسم في موضع آخر، فقال ﴿فبعزتك لأغوينهم أجمعين﴾ (١)، فاقسم بالعزة، وهاهنا أقسم بالامر والتكليف. ويجوز فيه وجه ثالث، وهو الا تكون الباء قسما، ويقدر قسم محذوف، ويكون المعنى بسبب ما كلفتني فأفضى إلى غوايتي، أقسم لأفعلن بهم نحو ما فعلت بي، وهو أن أزين لهم المعاصي التي تكون سبب هلاكهم.
فان قلت ليس هذا نحو ما فعله البارئ به، لان البارئ امره بالحسن فأباه، وعدل عنه إلى القبيح، والشيطان لا يأمرنا بالحسن فنكرهه ونعدل عنه إلى القبيح، فكيف يكون ذلك نحو واقعته مع البارئ قلت المشابهة بين الواقعتين في إن كل واحدة منهما تقع عندها المعصية، لا على وجه الاجبار والقسر، بل على قصد الاختيار، لان معصية إبليس كانت من نفسه، ووقعت عند الامر بالسجود اختيارا منه لا فعلا من البارئ، ومعصيتنا نحن عند التزيين والوسوسة تقع اختيارا منا لا اضطرارا يضطرنا إبليس إليه، فلما تشابهت الصورتان في هذا المعنى حسن قوله (بما فعلت بي كذا لأفعلن بهم نحوه).
فان قلت ما معنى قوله (في الأرض) ومن أين كان يعلم إبليس أن آدم سيصير له ذرية في الأرض قلت اما علمه بذلك فمن قول الله تعالى له وللملائكة ﴿انى جاعل في الأرض خليفة﴾ (2) واما لفظة (الأرض)، فالمراد بها هاهنا الدنيا التي هي دار التكليف، كقوله تعالى

(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317