قلت كلا لأني في الفصل الأول عللت استحقاقه اسم الكفر بأمر زائد على المعصية المطلقة، وهو فساد اعتقاده، ولم اجعل ذلك علة في خروجه من الجنة وهاهنا عللت خروجه من الجنة، بنفس المعصية، فلا تناقض.
فان قلت ما معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام (ما كان الله ليدخل الجنة بشرا بأمر اخرج به منها ملكا) وهل يظن أحد أو يقول إن الله تعالى يدخل الجنة أحدا من البشر بالامر الذي اخرج به هاهنا إبليس كلا هذا ما لا يقوله أحد، وإنما الذي يقوله المرجئة انه يدخل الجنة من قد عصى وخالف الامر - كما خالف الامر إبليس - برحمته وعفوه، وكما يشاء، لا انه يدخله الجنة بالمعصية، وكلام أمير المؤمنين عليه السلام يقتضى نفى دخول أحد الجنة بالمعصية لان الباء للسببية؟
قلت الباء ها هنا ليست للسببية كما يتوهمه هذا المعترض; بل هي كالباء في قولهم خرج زيد بثيابه، ودخل زيد بسلاحه، أي خرج لابسا، ودخل متسلحا، أي يصحبه الثياب ويصحبه السلاح، فكذلك قوله عليه السلام (بأمر اخرج به منها ملكا)، معناه إن الله تعالى لا يدخل الجنة بشرا يصحبه أمر اخرج الله به ملكا منها.
* * * الأصل:
فاحذروا عباد الله عدو الله أن يعديكم بدائه، وأن يستفزكم بخيله ورجله، فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد، وأغرق إليكم بالنزع الشديد، ورماكم من مكان قريب، فقال ﴿رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين﴾ (1)، قذفا بغيب بعيد ورجما بظن