غير مصيب; صدقه به أبناء الحمية، واخوان العصبية، وفرسان الكبر والجاهلية، حتى إذا انقادت له الجامحة منكم، واستحكمت الطماعية منه فيكم، فنجمت فيه الحال من السر الخفي إلى الأمر الجلي، استفحل سلطانه عليكم، ودلف بجنوده نحوكم، فأقحموكم ولجأت الذل، وأحلوكم ورطات القتل، وأوطأوكم إثخان الجراحة، طعنا في عيونكم، وحزا في حلوقكم، ودقا لمناخركم، وقصدا لمقاتلكم، وسوقا بخزائم القهر، إلى النار المعدة لكم، فأصبح أعظم في دينكم حرجا، وأورى في دنياكم قدحا، من الذين أصبحتم لهم مناصبين، وعليهم متألبين.
فاجعلوا عليه حدكم وله جدكم فلعمر الله لقد فخر على أصلكم، ووقع في حسبكم، ودفع في نسبكم، واجلب بخيله عليكم، وقصد برجله سبيلكم يقتنصونكم بكل مكان، ويضربون منكم كل بنان، لا تمتنعون بحيلة، ولا تدفعون بعزيمة، في حومة ذل، وحلقة ضيق، وعرصة موت، وجولة بلاء.
فاطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية، وأحقاد الجاهلية، فإنما تلك الحمية تكون في المسلم من خطرات الشيطان ونخواته، ونزغاته ونفثاته. واعتمدوا وضع التذلل على رؤوسكم، وإلقاء التعزز تحت أقدامكم، وخلع التكبر من أعناقكم، واتخذوا التواضع مسلحة بينكم وبين عدوكم إبليس وجنوده، فان له من كل أمة جنودا وأعوانا، ورجلا وفرسانا; ولا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه من غير ما فضل جعله الله فيه، سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسب، وقدحت الحمية في قلبه من نار الغضب، ونفخ الشيطان في أنفه من ريح الكبر; الذي أعقبه الله به الندامة، وألزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة.