شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٣ - الصفحة ١٤١
﴿ولكنه أخلد إلى الأرض﴾ (1)، ليس يريد به الأرض بعينها بل الدنيا وما فيها من الملاذ وهوى الأنفس.
قوله عليه السلام (قذفا بغيب بعيد)، أي قال إبليس هذا القول قذفا بغيب بعيد، والعرب تقول للشئ المتوهم على بعد هذا قذف بغيب بعيد والقذف في الأصل رمى الحجر وأشباهه، والغيب الامر الغائب، وهذه اللفظة من الألفاظ القرآنية، قال الله تعالى في كفار قريش (ويقذفون بالغيب من مكان بعيد) (2)، أي يقولون هذا سحر، أو هذا من تعليم أهل الكتاب، أو هذه كهانة، وغير ذلك مما كانوا يرمونه عليه الصلاة السلام به. وانتصب (قذفا) على المصدر الواقع موقع الحال، وكذلك (رجما) وقال الراوندي انتصبا لأنهما مفعول له، وليس بصحيح، لان المفعول له ما يكون عذرا وعلة لوقوع الفعل، وإبليس ما قال ذلك الكلام لأجل القذف والرجم، فلا يكون مفعولا له.
فان قلت كيف قال عليه السلام (قذفا من مكان بعيد، ورجما بظن غير مصيب)، وقد صح ما توهمه وأصاب في ظنه، فان اغواءه وتزيينه تم على الناس كلهم الا على المخلصين قلت اما أولا فقد روى (ورجما بظن مصيب) بحذف (غير)، ويؤكد هذه الرواية قوله تعالى (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه الا فريقا) (3) واما ثانيا على الرواية التي هي أشهر فنقول اما قذفا من مكان بعيد، فإنه قال ما قال على سبيل التوهم والحسبان لأمر مستبعد لا يعلم صحته ولا يظنها، وليس وقوع ما وقع من المعاصي وصحة ما توهمه بمخرج لكون قوله الأول (قذفا بغيب بعيد)، واما (رجما بظن غير مصيب)

(١) سورة الأعراف ١٧٦.
(2) سورة سبأ 53.
(3) سورة سبأ 20.
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 224 - من كلام له عليه السلام في وصف بيعته بالخلافة 3
2 225 - من خطبة له عليه السلام يحث فيها على التقوى ويستطرد إلى وصف الزهاد 5
3 226 - من خطبة له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 9
4 227 - من كلام له عليه السلام كلم به عبد الله بن زمعة على إثر خلافته 10
5 228 - من كلام له عليه السلام في وصف اللسان، واستطرد إلى وصف زمانه 12
6 ذكر من أرتج عليهم أو حصروا عند الكلام 13
7 229 - من كلام له عليه السلام، وقد ذكر عنده اختلاف الناس 18
8 230 - من كلام له عليه السلام قاله وهو يلي غسل رسول الله وتجهيزه 27
9 ذكر طرف من سيرة النبي عليه السلام عند موته 27
10 231 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وتوحيده، وذكر رسالة محمد عليه السلام، ثم استطرد إلى عجيب خلق الله لأصناف الحيوان 44
11 من أشعار الشارح في المناجاة 50
12 فصل في ذكر أحوال الذرة وعجائب النملة 57
13 ذكر غرائب أحوال الجرادة وما احتوت عليه من صنوف الصنعة 67
14 232 - من خطبة له عليه السلام في التوحيد 69
15 233 - من خطبة له عليه السلام تختص بالملاحم 95
16 234 - من خطبة له عليه السلام يوصى الناس فيها بالتقوى ويذكرهم الموت ويحذرهم الغفلة 99
17 235 - من كلام له عليه السلام في الإيمان 101
18 قصة وقعت لأحد الوعاظ ببغداد 107
19 236 - من خطبة له عليه السلام في الحث على التقوى ويذكر الناس بأمر الآخرة 110
20 237 - من خطبة له عليه السلام في حمد الله وتمجيده والتزهيد في الدنيا والترغيب في الآخرة 115
21 238 - من خطبة له عليه السلام، وهي التي تسمى الخطبة القاصعة، وتتضمن ذم إبليس، ويحذر الناس من سلوك طريقته 127
22 فصل في ذكر الأسباب التي دعت العرب إلى وأد البنات 174
23 ذكر ما كان من صلة علي برسول الله في صغره 198
24 ذكر حال رسول الله في نشوئه 201
25 القول في إسلام أبي بكر وعلي وخصائص كل منه 215
26 239 - من كلام له عليه السلام قاله لعبد الله بن، وقد جاء برسالة من عثمان وهو محصور 296
27 وصية العباس قبل موته لعلي 297
28 240 - من كلام له عليه السلام اقتص فيه ما كان منه بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ثم لحاقه به 303
29 241 - من خطبة له عليه السلام في الزهد 307
30 242 - من خطبة له عليه السلام في شأن الحكمين وذم أهل الشام 309
31 فصل في نسب أبي موسى والرأي فيه عند المعتزلة 313
32 243 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها آل محمد عليه السلام 317