الرسول ممن ينقلب على عقبيه) (1)، النون في (لنعلم) نون الجمع لا نون العظمة، أي لتصير أنت وغيرك من المكلفين عالمين لم يطيع ومن يعصى، كما انا عالم بذلك، فتكونوا كلكم مشاركين لي في العلم بذلك.
فان قلت وما فائدة وقوفهم على ذلك وعلمهم به؟
قلت ليس بممتنع أن يكون ظهور حال العاصي والمطيع وعلم المكلفين أو أكثرهم أو بعضهم به يتضمن لطفا في التكليف.
فان قلت أن الملائكة لم تكن تعلم ما البشر، ولا تتصور ماهيته، فكيف قال لهم (انى خالق بشرا من طين) قلت قد كان قال لهم انى خالق جسما من صفته كيت وكيت، فلما حكاه اقتصر على الاسم. ويجوز أن يكون عرفهم من قبل أن لفظة (بشر) على ماذا تقع، ثم قال لهم انى خالق هذا الجسم المخصوص الذي أعلمتكم أن لفظة (بشر) واقعة عليه من طين.
قوله تعالى (فإذا سويته); أي إذا أكملت خلقه.
فقعوا له ساجدين أمرهم بالسجود له وقد اختلف في ذلك فقال قوم كان قبله، كما الكعبة اليوم قبلة، ولا يجوز السجود الا لله وقال آخرون بل كان السجود له تكرمة ومحنة، والسجود لغير الله غير قبيح في العقل إذا لم يكن عباده ولم يكن فيه مفسده.
وقوله تعالى (ونفخت فيه من روحي)، أي أحللت فيه الحياة، وأجريت الروح إليه في عروقه، وأضاف الروح إليه تبجيلا لها، وسمى ذلك نفخا على وجه الاستعارة، لان العرب تتصور من الروح معنى الريح، والنفخ يصدق على الريح، فاستعار لفظة (النفخ) توسعا.