وقيل كان اسمه عزازيل، وان الله تعالى جعله حكما وقاضيا بين سكان الأرض قبل خلق آدم، فدخله الكبر والعجب لعبادته واجتهاده وحكمه في سكان الأرض وقضائه بينهم، فانطوى على المعصية حتى كان من امره مع آدم عليه السلام ما كان.
قلت ولا ينبغي أن نصدق من هذه الأخبار و أمثالها الا ما ورد في القرآن العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أو في السنة، أو نقل عمن يجب الرجوع إلى قوله، وكل ما عدا ذلك فالكذب فيه أكثر من الصدق، والباب مفتوح، فليقل كل أحد في أمثال هذه القصص ما شاء.
واعلم أن كلام أمير المؤمنين في هذا الفصل يطابق مذهب أصحابنا في أن الجنة لا يدخلها ذو معصية، الا تسمع قوله (فمن بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته كلا، ما كان الله ليدخل الجنة بشرا بأمر اخرج به منها ملكا، أن حكمه في أهل السماء والأرض لواحد).
فان قلت أليس من قولكم إن صاحب الكبيرة إذا تاب دخل الجنة فهذا صاحب معصية وقد حكمتم له بالجنة قلت إن التوبة أحبطت معصيته فصار كأنه لم يعص.
فان قلت إن أمير المؤمنين عليه السلام إنما قال (فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته) ولم يقل بالمعصية المطلقة; والمرجئة لا تخالف في أن من وافى القيامة بمثل معصية إبليس لم يكن من أهل الجنة.
قلت كل معصية كبيرة فهي مثل معصيته، ولم يكن اخراجه من الجنة لأنه كافر، بل لأنه عاص مخالف للامر، الا ترى أنه قال سبحانه ﴿قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها﴾ (1)، فعلل اخراجه من الجنة بتكبره لا بكفره.
فان قلت هذا مناقض لما قدمت في شرح الفصل الأول.