ثم نهاهم أن يكونوا كقابيل الذي حسد أخاه هابيل فقتله، وهما اخوان لأب وأم، وإنما قال (ابن أمه)، فذكر الام دون الأب، لان الأخوين من الام أشد حنوا ومحبة والتصاقا من الأخوين من الأب، لان الام هي ذات الحضانة والتربية.
وقوله (من غير ما فضل)، ما هاهنا زائدة، وتعطى معنى التأكيد; نهاهم عليه السلام أن يحسدوا النعم، وان يبغوا ويفسدوا في الأرض، فان آدم لما أمر ولده بالقربان قرب قابيل شر ماله - وكان كافرا - وقرب هابيل خير ماله - وكان مؤمنا - فتقبل الله تعالى من هابيل، واهبط من السماء نارا فأكلته، قالوا لأنه لم يكن في الأرض حينئذ فقير يصل القربان إليه، فحسده قابيل - وكان أكبر منه سنا - فقال لأقتلنك، قال هابيل إنما يتقبل الله من المتقين، أي بذنبك وجرمك كان عدم قبول قربانك لانسلاخك من التقوى، فقتله فأصبح نادما، لا ندم التوبة بل ندم الحير ورقة الطبع البشرى، ولأنه تعب في حمله كما ورد في التنزيل انه لم يفهم ماذا يصنع به حتى بعث الله الغراب.
قوله عليه السلام (والزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة)، لأنه كان ابتدأ بالقتل، ومن سن سنة شر كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، كما أن من سن سنة خير كان له اجرها واجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه، أن الروايات اختلفت في هذه الواقعة، فروى قوم إن الرجلين كانا من بني إسرائيل وليسا من ولد آدم لصلبه، والأكثرون خالفوا في ذلك.
ثم اختلف الأكثرون، فروى قوم أن القربان من قابيل وهابيل كان ابتداء، والأكثرون قالوا بل أراد آدم عليه السلام أن يزوج هابيل أخت قابيل توأمته، ويزوج