وقالت الحكماء هذا عبارة عن النفس الناطقة.
فان قلت هل كان إبليس من الملائكة أم لا قلت قد اختلف في ذلك، فمن جعله منهم احتج بالاستثناء، ومن جعله من غيرهم احتج بقوله تعالى (كان من الجن)، وجعل الاستثناء منقطعا، وبان له نسلا وذرية، قال تعالى (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني)، والملائكة لا نسل لهم ولا ذرية، وبان أصله نار والملائكة أصلها نور، وقد مر لنا كلام في هذا في أول الكتاب.
قوله (فافتخر على آدم بخلقه، وتعصب عليه لأصله) كانت خلقته أهون من خلقه آدم عليه السلام، وكان أصله من نار واصل آدم عليه السلام من طين.
فان قلت كيف حكم على إبليس بالكفر، ولم يكن منه الا مخالفة الامر، ومعلوم أن تارك الامر فاسق لا كافر قلت إنه اعتقد أن الله امره بالقبيح ولم ير امره بالسجود لآدم عليه السلام حكمة وامتنع من السجود تكبرا، ورد على الله امره، واستخف بمن أوجب الله إجلاله، وظهر أن هذه المخالفة عن فساد عقيدة، فكان كافرا.
فان قلت هل كان كافرا في الأصل أم كان مؤمنا ثم كفر قلت اما المرجئة فأكثرهم يقول كان في الأصل كافرا، لان المؤمن عندهم لا يجوز أن يكفر، واما أصحابنا فلما كان هذا الأصل عندهم باطلا توقفوا في حال إبليس، وجوزوا كلا الامرين.