وأهله متخوفين، أصبحوا وقد خدعوا شطر هذه الأمة، واشربوا في قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان، ونصبوا لنا الحرب، وجدوا في إطفاء نور الله، والله متم نوره ولو كره الكافرون. اللهم فإنهم قد ردوا الحق فافضض جمعهم، وشتت كلمتهم، وأبلسهم بخطاياهم، فإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت (1). قال نصر: وكان علي عليه السلام، إذا أراد الحملة هلل وكبر، ثم قال:
من أي يومى من الموت أفر * أيوم لم يقدر أو يوم قدر!
فجعل معاوية لواءه الأعظم مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فامر علي عليه السلام جارية بن قدامة السعدي أن يلقاه بأصحابه، وأقبل عمرو بن العاص بعده في خيل، ومعه لواء ثان، فتقدم حتى خالط صفوف العراق فقال علي عليه السلام لابنه محمدا: امش نحو هذا اللواء رويدا، حتى إذا أشرعت الرماح في صدورهم فامسك يدك، حتى يأتيك أمري.
ففعل - وقد كان أعد علي عليه السلام مثلهم مع الأشتر - فلما أشرع محمد الرماح في صدور القوم، أمر علي عليه السلام الأشتر أن يحمل فحمل، فأزالهم عن مواقفهم، وأصاب منهم رجالا، واقتتل الناس قتالا شديدا، فما صلى من أراد الصلاة إلا إيماء، فقال النجاشي في ذلك اليوم يذكر الأشتر:
ولما رأينا اللواء العقاب (2) * يقحمه الشانئ الأخزر كليث العرين خلال العجاج * وأقبل في خيله الأبتر دعونا لها الكبش كبش العراق * وقد أضمر الفشل العسكر (3) فرد اللواء على عقبه * وفاز بحظوتها الأشتر