فقال: قل له: إنك لم تلدهما، وإني أنا ولدتهما. وبلغ مقدم الصفوف، فقال له الناس:
مكانك! إنه لا بأس على ابنيك، إنهما في مكان حريز. فقال: أسمعوني أصواتهما حتى أعلم أحيان هما أم قتيلان! ونادى: يا وردان، قدم لوائك قيد قوس، فقدم لواءه، فأرسل علي عليه السلام إلى أهل الكوفة: أن احملوا، وإلى أهل البصرة، أن احملوا. فحمل الناس من كل جانب، فاقتتلوا قتالا شديدا، وخرج رجل من أهل الشام، فقال: من يبارز؟ فبرز إليه رجل من أهل العراق، فاقتتلا ساعة، وضرب العراقي الشامي على رجله، فأسقط قدمه، فقاتل ولم يسقط إلى الأرض، فضربه العراقي أخرى، فأسقط يده، فرمى الشامي سيفه إلى أهل الشام، وقال: دونكم سيفي هذا، فاستعينوا به على قتال عدوكم.
فاشتراه معاوية من أوليائه بعشرة آلاف درهم (1).
قال نصر: وحدثنا مالك الجهني، عن زيد بن وهب، أن عليا عليه السلام مر على جماعة من أهل الشام بصفين، منهم الوليد بن عقبة، وهم يشتمونه ويقصبونه (2)، فأخبر بذلك، فوقف على ناس من أصحابه وقال: انهدوا إليهم، وعليكم السكينة والوقار وسيما الصالحين، أقرب بقوم من الجهل، قائدهم ومؤدبهم معاوية، وابن النابغة وأبو الأعور [السلمي] (3)، وابن أبي معيط شارب الحرام، والمحدود (4) في الاسلام!
[وهم أولاء] (3)، يقصبونني ويشتمونني، وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني، وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الاسلام وهم يدعونني إلى عبادة الأصنام، فالحمد لله، ولا إله إلا الله، لقديما ما عاداني الفاسقون، إن هذا لهو الخطب الجلل، إن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين، وعلى الاسلام