أنبأنا قراؤنا بما كان (1) * أن عليا قتل ابن عفان ثم شد لا ينثني حتى يضرب بسيفه، ثم جعل يلعن عليا ويشتمه ويسهب في ذمه، فقال له هاشم بن عتبة: يا هذا، إن الكلام بعده الخصام، وإن لعنك سيد الأبرار بعده عقاب النار، فاتق الله، فإنك راجع إلى ربك فيسألك عن هذا الموقف وعن هذا المقال (2).
قال الفتى: إذا سألني ربى قلت: قاتلت أهل العراق، لان صاحبهم لا يصلى كما ذكر لي، وإنهم لا يصلون، وصاحبهم قتل خليفتنا، وهم آزروه على قتله. فقال له هاشم: يا بنى، وما أنت وعثمان! إنما قتله أصحاب محمد، الذين هم أولى بالنظر في أمور المسلمين، وإن صاحبنا كان أبعد القوم عن دمه، وأما قولك: " إنه لا يصلى "، فهو أول من صلى مع رسول الله وأول من آمن به. وأما قولك: إن أصحابه لا يصلون، فكل من ترى معه قراء الكتاب، لا ينامون الليل تهجدا، فاتق الله واخش عقابه، ولا يغررك من نفسك الأشقياء الضالون.
فقال الفتى: يا عبد الله، لقد دخل قلبي وجل من كلامك، وإني لأظنك صادقا صالحا، وأظنني مخطئا آثما فهل لي من توبة؟ قال: نعم، ارجع إلى ربك وتب إليه، فإنه يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، ويحب التوابين ويحب المتطهرين. فرجع الفتى إلى صفه منكسرا نادما، فقال له قوم من أهل الشام: خدعك العراقي! قال: لا، ولكن نصحني العراقي (3).
قال نصر: وفى قتل هاشم وعمار تقول امرأة من أهل الشام:
لا تعدموا قوما أذاقوا ابن ياسر * شعوبا ولم يعطوكم بالخزائم