وروى أبو عبيد الله محمد بن موسى بن عبيد الله المرزباني، أن معاوية لما تم له الامر بعد وفاة علي عليه السلام، بعث زيادا على البصرة ونادى منادى معاوية: أمن الأسود والأحمر بأمان الله، إلا عبد الله بن هاشم بن عتبة! فمكث معاوية يطلبه أشد الطلب، ولا يعرف له خبرا، حتى قدم عليه رجل من أهل البصرة، فقال له: أنا أدلك على عبد الله ابن هاشم بن عتبة، اكتب إلى زياد، فإنه عند فلانة المخزومية، فدعا كاتبه فكتب:
من معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين إلى زياد بن أبي سفيان، أما بعد فإذا أتاك كتابي هذا، فاعمد إلى حي بنى مخزوم، ففتشه دارا دارا، حتى تأتى إلى دار فلانة المخزومية، فاستخرج عبد الله بن هاشم المرقال منها، فاحلق رأسه، وألبسه جبة شعر، وقيده، وغل يده إلى عنقه، واحمله على قتب بعير بغير وطاء ولا غطاء، وانفذ به إلى.
قال المرزباني: فأما الزبير بن بكار فإنه قال: إن معاوية قال لزياد لما بعثه إلى البصرة إن عبد الله بن المرقال في بنى ناجية بالبصرة عند امرأة منهم يقال لها فلانة وأنا أعزم عليك إلا حططت رحلك ببابها، ثم اقتحمت الدار واستخرجته منها، وحملته إلى.
فلما دخل زياد إلى البصرة سأل عن بنى ناجية، وعن منزل المرأة فاقتحم الدار، واستخرج عبد الله (1) منها، فأنفذه إلى معاوية فوصل إليه يوم الجمعة وقد لاقى نصبا كثيرا، ومن الهجير ما غير جسمه، وكان معاوية يأمر بطعام فيتخذ في كل جمعة لأشراف قريش ولأشراف الشام ووفود العراق، فلم يشعر معاوية إلا وعبد الله بين يديه، وقد ذبل وسهم وجهه، فعرفه ولم يعرفه عمرو بن العاص، فقال معاوية يا أبا عبد الله، أتعرف هذا الفتى؟
قال لا، قال: هذا ابن الذي كان يقول في صفين:
أعور يبغي أهله محلا * قد عالج الحياة حتى ملا * لا بد أن يفل أو يفلا * قال عمرو: وإنه لهو! دونك الضب المضب فاشخب أوداجه، ولا ترجعه إلى أهل